وفاة صاحب أشهر أغنية مغربية تتناول الحج ومناسكه “لْحِجْ أيْكَان لْفْرْضْ أيْمُسلْمنْ فْلاَغْ، وبالحْق أنَاس إدْرْكْن أسَاغْ إنَا الشرع ” رحم الله الرايس الحاج المهدي بنمبارك .
في منتصف سبعينيات القرن الماضي وقبل ان يستقر بالبيضاء كان يقيم مثل جل الروايس حلقته في سوق ثلاثاء كسيمة ( ثلاثاء ن واكسيمن ) المعروفة حاليا ب “ثلاثاء إنزكان” ، اتذكر من أفراد فرقته الرايس عبدالسلام ، وقتها كان رجلا متقدما في السن والرايس محمد أبوزيا الذي اعتزل الفن ويتعاطى التجارة في سوق التمسية ، كان الحاج المهدي هو العميد الذي ينشط الحلقة ، وهو من يسير رقصات الروايس بطريقة قدماء الروايس، كان عازفا كبيرا على آلة الرباب .
كان الجمهور في الحلقة، يطالبه بقصيدة الحج وكلما استجاب لطلبهم ، الاحظ تأثرا كبيرا من بعضهم وخاصة كبار السن المتشوقين للحرمين الشريفين ، يذكرني ذلك بجدتي عائشة التي كانت تدرف الدموع كلما شغل احد اخوالي قصيدة الحج على تلك الآلة العجيبة التي سبقت جهاز التسجيل ( المسجلة ) ، وإنصافا للحاج المهدي بنمبارك كان الرجل قد ابدع واتقن قصيدة الحج وتجاوز الروايس القدماء في تناولهم لزيارتهم للديار المقدسة وخاصة الحاج بلعيد ، كما لم يستطيع من نظم بعده قصيدة في نفس الموضوع وخاصة الحاج محمد البنسير ان يصل بقصيدته مستوى قصيدة الحاج المهدي بنمبارك .
قد نختلف مع المرحوم المهدي بنمبارك او نتفق لكننا نحترم فيه اخلاصه ووفائه لمبادئه ، طيلة حياته الفنية في الاعراس والحفلات والمهرجانات لايقبل ان ينضم لفرقة من الروايس مختلطة تضم الذكور والاناث ، قناعاته الدينية جعلته يضحي باي عرس مهما كان الثمن مغريا اذا اشترط صاحبه ان تكون الرايسات ضمن فرقته .
في حفل بمناسبة عيد العرش اشترط على منظميه (تجار انزكان) أن يصعد وفرقته الخالية من الرايسات المنصة ، وحين ينتهي تصعد بقية فرق الروايس ، وكان له ما أراد.
رحم الله الرايس الحاج المهدي بنمبارك وأسكنه فسيح جنانه والهم أسرته الصغيرة وأسرته الفنية الكبيرة الصبر والسلوان وإنا لله وانا اليه راجعون .