الرئيسية مواقف وأراء عندما يصبح حب الوطن بالصور

عندما يصبح حب الوطن بالصور

كتبه كتب في 5 نوفمبر 2015 - 16:56

بمجرد إلقاء نظرة وإطلالة سريعة في العالم الأزرق “الفيس بوك”هذه الأيام تجد راية المغرب ترفرف عليا فوق جدران وصور كل المنتسبين لهذه الدولة السعيدة “المغرب” فهل الكل أصبح وطنيا في رمشة عين؟

يخلد المغرب ذكرى المسيرة الخضراء وهي ملحمة تاريخية تعكس تلاحم أجددنا مع وطنهم والتضحية من أجلها بالغالي والنفيس؛وبالرجوع لمصطلح المسيرة فيعني التقدم إلى الأمام وليس الرجوع للخلف٬المسيرة الخضراء نريدها كل يوم،نريد أن نراها في واقعنا ومستقبلنا،أنا العربي والأمازيغي والصحراوي ولا أفتخر،ليس حب الوطن بترديد نشيد الوطن أو وضع راية المغرب على جدار الفيسبوك أو مدح الملك، حب الوطن يكمن في مساعدة ضعفاء هذا الوطن،مساعدة حقيقية وتوفير الدفء لهم حب الوطن يوجد في أعين يتامى ومتشردي هذا الوطن الغالي والجريح . ” فإذن أنا لا احتاج أن أضع الوطن فوق صورتي…فالوطن مكانه القلب….

عشت طفولتي بين أحضان واقع هدا الوطن رغم أنني أنتمي إلى عائلة ميسورة تراودني دائما مشاهد المتسكعين الذين ينامون في العراء ويقاومون نسمات البرد القارسة؛تأرقني صور المجانين وهم يأكلون من حاويات القمامة بقايا تحشم منها الكلاب الضالة؛تمر يوميا أمام عيناي مشاهد الطفولة وهي تمسح أحذية العابرين وتبيعهم السجائر وأشياء تافهة شيئ يسد رمقي؛شاهدت أنين المرضى قرب أبواب المستشفيات وشاهدت الموتى بالعشرات بسبب مرض تكلفة علاجه ثمن قنينة نبيد يعاقرها لصوص هذا الوطن الغالي في ثواني؛زرت بؤر الفقر و التوترات الإجتماعية ؛ وقفت على معانات سكان المنازل القصديرية؛إلتقيت باللصوص وتجار المخدرات؛تحدثت مع السجناء و جمعت من كل هؤلاء قصصا واقعية تأثرت بها؛أنا تلميد للمدرسة الواقعية وبدأت أخرج للشارع مثل سائح أوروبي ألتقط صور التعساء في مخيلتي وأحولها بدون مكياج لحروف لن تعجبكم يا مصاصي دماء هذا الوطن…أنا هكذا كائن واقعي لا موسمي أمارس السخرية السوداء ضد الواقع و أحوله للوحة فنية أتسلى بها كي أنسي نفسي مرارته على أناس يعيشون معنا…صحيح أن كتاباتي لن تغير من هذا الواقع شيئا كما يتردد على مسامعي كل يوم من أعداء النجاح ؛ لكن على الأقل تعرى الحقائق…

أتعرفون عما قريب سأعزف كلماتي على أوتار الواقع المر وسأهديها لكل من لم يضع الوطن فوق صورته و جعله في قلبه….إلى ذلك الحين أدعوكم أن تناموا ليلة واحدة في العراء .. وأن تصطفوا مع طوابير البؤساء قرب المستشفيات والكوماساريات وأن تنهضوا كل صباح كي تقفوا أمام مكاتب التشغيل مع العاطلين عن العمل.. جربوا ذلك وسوف تشاهدون هل سيبقى لكم الوقت كي تضعوا العلم فوق صوركم حب الوطن أيها الإخوة هو” زرع شجرة ترد لك الجميل، تُطعمك من ثمارها ، وتمُدّك بسبعة ليترات أكسجين يوميًّا ، أو على الأقلّ تظلّلك وتجمّل حياتك بخَضارها، وتدعو أغصانها الوارفة العصافير ، لتُزقزق في حديقتك .فالشجرة هي المواطن الصالح لهذا الوطن . فأن تأتي بإنسان وتزرعه في تربتك فيقتلعك أوّل ما يقوى عوده ، يتمدّدُ ويُعربش يسرق ماءك كي ينمو أسرع منك .

تستيقظ ذات صباح وإذ به أخذ مكانك ، وأولَم لأعداءك من سِلال فاكهتك ، ودعى الذئاب لتنهشك وتغتابك؛فأصعب شيء تحس بمرارته هو خيانة الوطن، لأن خيانة الوطن جريمة لا تغتفر ومن يخون وطنه يخون عرضه وشرفه، فحب الوطن فرض عين والدفاع عنه واجب مقدس لأن الوطن هو المجتمع وهو الأسرة وهو الفرد ومن خانه فقد خان الكل، فالقيم والمبادئ وجميع القناعات الدينية والإنسانية لم تكن يوماً شعارات تردد من حين لآخر كما هو الحال اليوم لدى الحزب الحاكم داخل بلدنا السعيد، يهتف بها بمعنى ودون معنى، يرفعها متى يشاء، ويسقطها متى شاء، يتبناها على المستوى العام ولا يعترف بها على الصعيد الشخصي، لا تعكس دواخله وأسقطها عند أول اختبار له في الحياة السياسية. فالمبادئ قد تحتضر عند البعض من أحزابنا اليوم، وقد تصاب بالخمول عند البعض الاخر، وربما تعاني السكرات أحياناً، وقد تموت عند فاقدي الشرف وفاقدي الكرامة، وهذا يعتمد على مدى رسوخ تلك القيم في ذات الإنسان ومدى اقتناعه بها، حتى لو سقطت في لحظة تيه أو ضعف. فلن تنتهي لو كان الإنسان صادقاً في تبنيها، فالقضية لن تخرج عن كونها هزة أو سحابة صيف تنجلي سريعاً، ويعود الإنسان إلى قيمه الخالصة، ليرى كم هو أحمق حين يستغني عنها ويعيش دونها. والمشكلة تكمن في من يسمح لنفسه أن يردد القيم والمبادئ بشكل رئيسي في خطابه مع أنه يستثني نفسه مما يقول (في نفس اللحظة) من هذه الأفكار ويبرر هذا بأنه حالة مختلفة ووضعه يبرر له هذا التناقض، وأن ما يطرح على الصعيد العام لا يناسب ظرفه الشاذ، لأنه يعاني من ظروف خاصة أو ضغوط معينة. والكارثة تكمن في أن تكون تلك القيم والمبادئ والشعارات دينية، عندها توجه الإساءة إلى نفس الخطاب الديني لا إلى الشخص بكونه حالة شاذة لا حكم لها، فالقيم ثابتة ولا تتغير…. المتغيّر هو الإنسان الذي يُحاول وبطرق ملتوية حرف المباديء وتوجيهها لما يتفق وهواه بيد أن هذا الأمر لا يتعدى الإطار الذي سجن نفسه داخله لأن الآخر لن يقبل سوى ما يتناغم وطبيعة البشر الفطرية.. فالاسلامويون السياسيون في مغرب اليوم ومنهم إخوان ((الحزب الاستسلامي الحاكم))، يتحدثون عن قيم ولا يعملون بها وهؤلاء كالمنافقين الذي أظهروا الاسلام وابطنوا الكفر.. هؤلاء أصحاب قشور المباديء عمرهم الزمني قصير لأنهم يسيرون في اتجاه الريح.. الذي يخون وطنه هو خائن لانتمائه، والذي يخون انتماءه فخيانة الضمير عنده مثل شرب كوب الماء البارد في عز صيف ملتهب، وعندما تصل مرحلة خيانة النفس والضمير فتكون قد وصلت الى نهاية الطريق وهو خيانة انسانيتك، عندها لا تفكر بشيئ مطلقاً لانكَ ستكون في قاع مزبلة التاريخ! لا تتمكن من الصعود مجدداً الى فوق لان بيتك وقومك ووطنك قد لَفظكَ.

بقلم: أحمد الهلالي

مشاركة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *