الرئيسية يساعة 24 أكاديميون يناقشون تحديات القطاع السمعي البصري بالمغرب

أكاديميون يناقشون تحديات القطاع السمعي البصري بالمغرب

كتبه كتب في 30 يناير 2016 - 21:57

أكادير تيفي_

على الرغم من الإصلاحات التي باشرتها الوزارة الوصية على القطاع السمعي البصري خلال السنوات الأخيرة، والتي ما فتئ مصطفى الخلفي، وزير الاتصال الناطق الرسمي باسم الحكومة، يشيد بها ويترافع لصالح ما يسميه بـ”التقدم الحاصل الذي تحقق خلال ولايته بالقطاع،” فإن القطاع السمعي البصري بالمغرب لا يزال يعاني من تحديات شتى .

من بين هذه التحديات ما يرتبط بطبيعة المجال التداولي السياسي؛ والذي لا يزال يطبعه التردد في الانفتاح على جميع التيارات السياسية والاجتماعية وطرح قضايا المجتمع وتوسيع مجال الحريات والتعبير عن طبيعة التنوع والتعدد التي تميز المجتمع، ومنها ما له علاقة بطبيعة التحديات الدولية؛ والتي تتجسد في المنافسة القوية، وخاصة في الإنتاج المقدم من لدن الدول العربية والأوروبية في مجال السمعي البصري، والذي يتجاوز مسألة الدبلوماسية العامة إلى محاولات التأثير في اتخاذ القرارات الداخلية بخصوص بعض القضايا التي تمس السياسات العمومية.

ثلاثة تحديات

مصطفى الخلفي أكد، خلال مداخلته في ندوة حول “الاتصال السمعي البصري في المغرب: التحديات والآفاق”، التي نظمتها مؤسسة علال الفاسي أمس بالرباط، أن هناك ثلاثة تحديات يشهدها القطاع السمعي البصري بالمغرب، منها ما يرتبط بطبيعة دولية ومنها ما يرتبط بطبيعة عابرة للقارات.

فالتحدي الأول، بحسب وزير الاتصال، متعلق بالجوار العربي الذي يشترك فيه المغرب في إطار السمعي البصري، حيث عرف توسعا من الناحية الرقمية، ذلك أن “قمر نايل سات” وحده يشتمل على أزيد من 1800 قناة ناطقة باللغة العربية، كما توجد أزيد من 1400 قناة على “القمر الاصطناعي هوتبورد”، بالإضافة إلى أزيد من 500 قناة على “القمر الاصطناعي عرب سات”.

هذه العروض، يصفها الوزير بأنها “قوية ومتخصصة”، ما يطرح إشكالية التقنين، ذلك أن مجموعة من الدول الأوروبية بدأت، في السنوات الأخيرة، تتحدث عن قضية تقنين القنوات التي تبث من دولة وهي موجهة لجمهور مقصود في دولة أخرى.

 

واعتبر الوزير أن قضية التقنين هذه تعتبر حاليا “من المشكلات التي تواجه القطاع السمعي البصري، خاصة مع الثورة التكنولوجية، حيث أصبحنا الآن نعيش حياة انفجار تطرح مشكلات معددة منها صورة المرأة وحقوق المستهلك وحقوق الطفل”.

أما التحدي الثاني، يضيف وزير الاتصال في معرض مداخلته، فيتعلق بـ”استراتيجيات دولية”؛ أي يرتبط بالتوسيع على المستوى الاقتصادي والسياسي والقيمي، وهي “قضية تتعلق باستراتيجيات دول تعتمد على دعم منظومة قيم اقتصادية وسياسية مرتبطة بالبث الفضائي”.

وعلى المستوى العربي، فالمشاهد المغربي يتلقى أكثر من 100 قناة دينية وأكثر من 70 قناة إخبارية، وهناك قنوات متخصصة في الموسيقى والأفلام، وهذا التوسع “لا يرتبط بالدبلوماسية العامة، بل يقوم بالتأثير على القرارات الداخلية المتخذة من قبل الدولة”، يقول الخلفي.

التحدي الثالث، وفق الخلفي، يتعلق بطبيعة عابرة للقارات، وهو التحدي التكنولوجي الرقمي الذي يساهم في تحول جذري بخصوص منظومة البث والإنتاج والإرسال، فـ 50% من الفئة التي يقل سنها عن 25 سنة، تستهلك المنتوج السمعي البصري عبر الشبكات الاجتماعية، وليس على شاشة التلفاز.

وخلص الخلفي، في مداخلته، إلى أن التحدي الآن بخصوص القطاع السمعي البصري هو “تحد وجودي يهم السيادة الإعلامية”، ففي “ظل الاستحقاقات الدستورية، رفع المغرب تحدي الالتحاق بالدول المتقدمة عبر السيادة الإعلامية وتأمين البث والانتشار والتواصل بين المواطن ونخبه ومؤسساته، من خلال الإعلام الوطني”.

فراغات تشريعية

من جهته، ذهب أحمد حيداس، أستاذ بالمعهد العالي للإعلام والاتصال، إلى أن المشهد السمعي البصري بالمغرب يشهد تميزا وتنوعا، غير أنه استدرك بالقول: “ولكن المشهد الإعلامي بالمغرب يبقى متواضعا من حيث برامجه وإنتاجاته، هو مشهد يتميز بفراغات تشريعية مع ما يرافق ذلك من تشدد على مستوى الحكامة، حيث يتميز بالتدبير من قبل الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري، وهي هيئة دستورية، ولكن هل يجب إصلاحها أم إعادة النظر فيها جملة وتفصيلا؟”، يتساءل حيداس.

 

وعرج الخبير المغربي في مجال الإعلام على تاريخ القطاع السمعي البصري بالمغرب، حيث وقف على التجارب الإعلامية التي شهدها المغرب منذ الاستعمار، حيث عرفت تلك المرحلة تنوعا ملحوظا وتطورا توقف سنة 1953، ودخل المغرب منذئذ من الناحية الإعلامية “في غيبوبة”.

حيداس علق على هذه التجربة بالقول: “هي تجربة هامة لو قمنا بمغربتها وبنينا عليها ربما كنا اليوم نسير في خط صائب وتجربة مهمة لم نستثمرها بشكل جيد”، مشيرا، في هذا الصدد، إلى أن التلفزة المغربية كانت ذات طابع خاص أنتجها الفرنسيون وكان اسمها “TELMA”، وكانت مرتبطة بالتجارة والإشهار، وانقطعت سنة 1958، وكانت توجد بعين السبع حيث توجد قناة 2M الآن، لكن لم تتم الاستفادة من التجربة القديمة واستثمارها بغية التجديد والإبداع.

ووجه حيداس جملة من الانتقادات للمشهد الإعلامي بالمغرب، حيث اعتبر أنه لا يزال يعاني من فراغات تشريعية، ودعا إلى التعامل مع الجالية المغربية بالخارج، ولاسيما الجيل الثاني والثالث، بعقيلة أخرى، و”ليس بالعقلية التي تعامل بها الإعلام المغربي مع آبائهم”، مشيرا إلى تواضع الإنتاج الذي يطبع المشهد السمعي البصري، وأعطى مثالا بالإنتاج التلفزي في شهر رمضان حيث هزالة البرامج، و”لهذا لم يستطع المغرب بيع أي برنامج أنتجه في الأسواق الدولية المخصصة لبيع المنتجات في القطاع السمعي البصري”.

المتحدث اعتبر أن المغرب لا يتوفر على قناة خاصة، وضرب مثالا بمدينة كنشاسا الإفريقية في دولة الكونغو، والتي تتوفر على 60 قناة، علما أن عدد سكان هذه المدينة لا يتجاوز خمسة ملايين، بينما مدينة الدار البيضاء لا تتوفر على قناة خاصة، “فلماذا لا نفكر في إعلام القرب؟”، يتساءل حيداس.

أما من حيث الإذاعات، فدولة بوركينا فاصو وحدها تتوفر على أكثر من 290 محطة إذاعية عامة وخاصة، بينما المغرب يتوفر فقط على 19 محطة إذاعية فقط، في حين يغيب التنوع اللغوي، إذ إن ما يناهز 90% من البرامج هي باللغة العربية، بحسب جرد قام به المعهد العالي للإعلام والاتصال.

حيداس أشار إلى أن التأطير القانوني للمشهد الإعلامي بالمغرب لا زال يعاني من فراغ تشريعي “لأننا نفكر بقانون السمعي البصري لسنة 2005، ولكن المشرع لم ينتبه بعد إلى وضع قوانين في هذا المجال؛ مثل الإيداع القانوني للمنتوجات، والذي يوجد منذ 1932، ولكن لا يوجد إيداع قانوني كي يساهم في تنمية الإرث الوطني بخصوص الإنتاج والإشهار كما في بعض الدول المتقدمة”، يقول الأستاذ بالمعهد العالي للإعلام والاتصال.

غياب التعددية السياسية

تطرق عبد الجبار الرشيدي، في مداخلته، إلى إشكالية التعددية والاستقلالية لوسائل الإعلام بالمغرب، واعتبر أن المشهد الإعلامي خلال السنوات الماضية كان يعد من مجالات السيادة وخاضعا للدولة بالتالي، وعرف إشراف رجال الدولة من الجنرالات ورجال الأمن، حيث “شهد صراعا مريرا بين الأحزاب الوطنية التي نادت بإصلاح الإعلام”، ولذلك أكدت أحزاب الكتلة، في المذكرة التي رفعتها منذ 1991 وإلى غاية المناظرة الوطنية للإصلاح، على الإصلاح السياسي والإعلامي، ولكن مع ذلك استمر احتكار الدولة للإعلام مع استثناءات؛ كما حصل مع “ميدي 1” التي جاءت في سياق اتفاق فرنسي مغربي عام 1980، وكذلك القناة الثانية عام 1989.

وانتقل الخبير في الإعلام إلى الحديث عن تجربة عبد الرحمن اليوسفي إبان فترة التناوب، حيث عرف عهده “صراعا مريرا، أيضا، لإصلاح منظومة الإعلام العمومي”، مشيرا إلى محاولة الوزير السابق العربي المساري الذي قام بتشكيل لجنة تعنى بالإصلاح، عبر ثلاثة مستويات، عرضت على الأمانة العامة للحكومة وبقيت حبيسة الرفوف.

كما أن حكومة اليوسفي في نسختها الثانية، يضيف الراشيدي، حاولت تحرير المشهد الإعلامي عن طريق قانون وليس عبر ظهير، واستمر المخاض إلى غاية تشكيل حكومة إدريس جطو وإحداث الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري.

ولفت المتحدث إلى أن الإعلام السمعي البصري “لا يزال تابعا للدولة بالرغم من إحداث هيئة تدبيرية للقطاع”، وضرب مثالا بتقديم خمسة طلبات لإحداث منابر إعلامية على المستوى السمعي البصري قوبلت بالرفض من قبل الهيئة بمبرر أن السوق الاقتصادية لا تتحمل أكثر من 19 إذاعة، و”هذا يطرح إشكالا لأن الهيئة ليس من صلاحيتها تقديم دراسة اقتصادية عن السوق، وهذه نقطة سوداء جرت انتقادات على الهيئة”، يقول الخبير الإعلامي.

 

وعن تدبير الهاكا للتعددية السياسية بالمغرب، سجل الخبير الإعلامي أن الأحزاب غير الممثلة بالبرلمان لا تستفيد سوى من 1%، في حين إن الأحزاب الممثلة تستفيد بأكثر من 80%.

كما لفت الراشيدي إلى حق الرد من قبل الأحزاب السياسية، وأعطى مثالين بحزبي العدالة والتنمية وحزب النهج الديمقراطي والجمعية المغربية لحقوق الإنسان، حيث تم تمتيع حزب العدالة والتنمية بحق الرد بخصوص ريبورتاج عن تسونامي بالقناة الثانية، بينما رفضت الهاكا تمتيع حزب النهج بحق الرد حين هاجمه أحد الصحافيين ضمن برنامج حوار بالقناة الأولى واتهم الحزب والجمعية بدعاة الانفصال.

هسبريس

مشاركة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *