
يشهد المشهد السياسي والعسكري في إسرائيل تصاعداً لافتاً في التوترات، في ظل ضغوط كبيرة يمارسها حلفاء رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو على الجيش لدفعه نحو شن هجوم جديد في قطاع غزة، وربما إعادة احتلال كامل للقطاع، رغم المعارضة الصريحة من المؤسسة العسكرية.
وبحسب تقرير نشرته صحيفة فايننشال تايمز البريطانية، فإن الخلافات بين الحكومة الإسرائيلية والقيادة العسكرية أصبحت أكثر وضوحاً في الأسابيع الأخيرة، وسط مطالبات من بعض وزراء الحكومة بفرض سيطرة شاملة على الأجزاء المتبقية من غزة، غير الخاضعة بعد للسيطرة الإسرائيلية.
وفي خطوة غير معتادة، خرج عدد من الوزراء بتصريحات علنية يؤكدون فيها على ضرورة التزام الجيش الإسرائيلي بكافة الأوامر الصادرة عن القيادة السياسية، في إشارة واضحة إلى وجود تباين في المواقف داخل المؤسسة الحاكمة بشأن استراتيجية الحرب في القطاع.
وشهد يوم الثلاثاء مشاورات مكثفة استمرت ثلاث ساعات ترأسها نتانياهو، وجمعت كبار القادة الأمنيين والعسكريين، من بينهم رئيس أركان الجيش إيال زامير، وذلك قبيل الاجتماع المرتقب لمجلس الأمن المصغر يوم الخميس، والذي من المنتظر أن يحسم توجهات الحكومة المقبلة بخصوص غزة.
وتواصل إسرائيل توجيه التهديدات بتوسيع نطاق عملياتها العسكرية في غزة، في محاولة لمضاعفة الضغط على حركة حماس وإجبارها على إطلاق سراح بقية الرهائن الإسرائيليين المحتجزين.
غير أن الدعوات التي يطلقها بعض وزراء نتانياهو لإعادة احتلال غزة بشكل كامل، تصطدم بتحفظات شديدة من الجيش، الذي يحذر من أن خطوة كهذه قد تهدد حياة الرهائن، وتُنهك القوات البرية التي تعاني أصلاً من وطأة العمليات المستمرة منذ شهور.
ويُعرف عن المؤسسة العسكرية، وعلى رأسها إيال زامير، رفضها لفكرة الانخراط في إدارة القطاع بشكل مباشر، لما تحمله من تبعات سياسية وأمنية وإنسانية قد تُثقل كاهل الجيش وتُدخل إسرائيل في مستنقع طويل الأمد.
ووفق تقارير إعلامية، فإن زامير تعرض لضغوط مباشرة من وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير، لحمله على التصريح علناً بالتزامه الكامل بأوامر القيادة السياسية، في مشهد يعكس عمق الشرخ بين التوجهات العسكرية والحكومية في البلاد.
هذا التوتر الداخلي يأتي في وقت يزداد فيه القلق الدولي من تفاقم الأزمة الإنسانية في غزة، مع تصاعد الدعوات لوقف إطلاق النار واستئناف مفاوضات جدية تفضي إلى إنهاء الحرب المستمرة.
ورغم استمرار العمليات العسكرية، إلا أن الجمود السياسي الداخلي في إسرائيل يضعف فرص اتخاذ قرارات حاسمة، لا سيما في ظل حسابات نتانياهو السياسية المرتبطة بتحالفه مع أطراف يمينية متشددة تضغط نحو مزيد من التصعيد، على حساب الحلول الدبلوماسية.