الرئيسية دولية مشاريع تبون التنموية تحت المجهر.. أرقام ضخمة وواقع يئن تحت ضغط الهشاشة

مشاريع تبون التنموية تحت المجهر.. أرقام ضخمة وواقع يئن تحت ضغط الهشاشة

كتبه كتب في 6 أغسطس 2025 - 13:00

رغم الأرقام “الضخمة” التي تُروّج لها الحكومة الجزائرية في كل مناسبة، يبدو أن الواقع على الأرض أكثر تعقيدًا من الخطاب الرسمي. فبين وعود تحقيق الأمن الغذائي، والتحكم في ندرة المياه، وتوفير السكن اللائق، تظهر فجوات واضحة عند التدقيق في السياسات المعلنة لنظام الرئيس عبد المجيد تبون، والتي تعتمد أساسًا على الكم بدل الرؤية الاستراتيجية.

في مجال الأمن الغذائي، تسوّق السلطات الجزائرية لمشاريع كبرى، مثل إنشاء صوامع تخزين ضخمة وتوسيع الزراعة الصحراوية على مساحة تقدر بـ400 ألف هكتار، فضلاً عن تحويل “الغذاء” إلى ورقة جيوسياسية. غير أن هذه المشاريع تتخذ طابعًا استعراضيًا، في ظل قطاع فلاحي يئن تحت وطأة الهشاشة الهيكلية، وضعف الإنتاج، والاعتماد على الاستيراد لتغطية أكثر من 70% من حاجيات البلاد من القمح.

ورغم كل الخطابات، لا وجود لسياسة استثمار زراعي متماسكة. إذ تعاني الفلاحة الجزائرية من نقص المكننة، وضعف تكوين الفلاحين، وبنية تحتية لوجستية متردية. كما أن محاولات تضخيم أرقام المخزون الغذائي عبر “الطلبيات العمومية” لا تُخفي التراجع الإنتاجي، بقدر ما تكرس وهم الاكتفاء.

أما الزراعة الصحراوية، التي تحولت فجأة إلى “الحل السحري”، فما تزال في طور التجريب، وسط تجاهل تام للتكاليف البيئية والطاقية. مشاريع تُستهلك فيها كميات ضخمة من الوقود والمياه في بيئة مهددة أصلًا بالتصحر، دون أي تقييم مستقل حقيقي للعائد.

في ملف المياه، تتفاخر الجزائر بامتلاكها 19 محطة لتحلية مياه البحر، بطاقة إنتاج يومي تقدر بـ3.7 مليون متر مكعب، على أمل بلوغ 5.5 مليون بحلول 2030. لكن ما لا يُقال، أن هذه المحطات تعمل بمحروقات باهظة التكلفة، وسط غياب شبكة توزيع فعالة، ما يجعل الماء المنتج “يُنتج نظريًا فقط” دون أن يصل إلى صنابير المواطنين.

كما أن الشفافية في منح الصفقات وصيانة المحطات تثير الكثير من علامات الاستفهام، في وقت تحدثت فيه تقارير عن أعطال متكررة وأداء ضعيف لعدد من الوحدات.

ويبقى العائق الأكبر هو إهمال إدارة الطلب. فنسبة كبيرة من المياه تُهدر بسبب تسربات من الشبكات (تُقدر بـ40%)، وغياب تسعير ذكي، وسوء التسيير المنزلي والفلاحي للمياه، ما يفضح هشاشة النموذج المائي برمته، ويطرح سؤالًا صريحًا: هل تحلية المياه هي الحل فعلاً، أم مجرد هروب إلى الأمام؟

مشاركة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *