الرئيسية مجتمع تزويج القاصرات بالمغرب .. تحايُلٌ على القانون وتحد لمدونة الأسرة

تزويج القاصرات بالمغرب .. تحايُلٌ على القانون وتحد لمدونة الأسرة

كتبه كتب في 14 ديسمبر 2015 - 11:56

أكادير تيفي_

بتصويتِ أعضاء لجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان بالغرفة الأولى للبرلمان على تمديد فترة قبول دعاوى إثبات الزوجية لمُدّة خمس سنوات إضافية، بعْدَ انصرام مدّة خمس سنوات التي حدّدتها مدوّنة الأسرة، تكونُ ثغرة أخرى قدْ فُتحتْ من طرف المُشرّعين أمامَ “المُتحايلين على القانون”، لتزويج الفتيات القاصرات، كما تقول الجمعيات النسائية.

الحركة النسائية بالمغرب بادرتْ إلى معارضة مقترح قانون تمديد فترة قبول دعاوي إثبات الزوجية لخمس سنوات أخرى، الذي تقدّم به الفريق الحركي، لكنَّ دُفوعاتها لمْ تحُلْ دونَ المصادقة عليه، وفي حين تقول الفرق البرلمانية المصادِقة على المقترح إنه سيحلّ إشكالات الأسر التي لا تتوفر على عقود الزواج، تقول الحركة النسائية إنّ التمديد يعني تشجيع تزويج القاصرات.

وليْست الحركة النسائية وحْدها التي تقف ضدّ مقترح الفريق الحركي بمجلس النواب، الذي جرى التصويت عليه يوم الثلاثاء الماضي، بلْ إنّ حزبَ التقدم والاشتراكية، المشارك في الائتلاف الحكومي، امتنعَ عن التصويت على تمديد أجَل قبول دعاوى إثبات الزوجية، وقال رئيس الفريق، رشيد روكبان، في تصريحات صحافية: “نرفض التحايل على القانون لشرعنة التعدد وتزويج القاصرات”.

حزب التقدم والاشتراكية أصدرَ بلاغا في هذا الصدد أكد فيه أنه ليس ضدّ المقترح وأنه “يتفهم” أهميته في معالجة ملفات المواطنات والمواطنين العالقة حقوقهم والمهددة بالضياع، وبروز مآس اجتماعية بسبب عدم توفر إمكانية توثيق وثبوت الزوجية، لكن رشيد روكبان قال إنَّ المقترح يثير إشكاليتين تتعلقان باستغلال المرحلة الانتقالية لثبوت الزوجية “ليُشرعن التعدد غير القانوني أو تزويج الطفلات خارج الإطار القانوني”.

ويبْدو أنَّ تزويج القاصرات في المغرب ما زال “مزدهرا”، رغم تنصيص مدونة الأسرة في المادة 20 على ألا يأذن قاضي الأسرة المكلف بالزواج بزواج الفتى والفتاة دون سنّ الأهلية المنصوص عليه في المادة التاسعة عشر (18 سنة) إلا بمقرر معلل يبيّن فيه المصلحة والأسباب المبررة لذلك، والاستعانة بخبرة طبية أو إجراء بحث اجتماعي.

ففي بحث ميداني حول تحليل ظاهرة تزويج القاصرات بإقليم الرشيدية، كشفتْ “جمعية الألفية الثالثة” التي أعدّت البحث، عنْ “نتائجَ وخيمة لظاهرة تزويج القاصرات”، كما قالتْ عضو الجمعية، سميرة بناني، التي أوضحت أنَّ الفتاة في مدينة الريصاني، التي اعتبرتْها “معقلا لزواج القاصرات”، يتمُّ تحضيرها للزواج منذ ولادتها، مضيفة أنّ الفتاة في المنطقة تصير مخطوبة مباشرة بعد إكمال تعليمها الابتدائي.

وانتقدت بناني الحكومة الحالية، قائلة: “مع مجيء هذه الحكومة وْلّا كلشي محجّب، وكلشي خوانجي، ولم نعد نجدُ جهة رسمية نشتغل معها، أو نتواصل معها، وصارَ عملنا يقتصر على الاشتغال مع المجتمع المدني”، وأضافت المتحدثة: “نحنُ نسير إلى الوراء، فحتّى عندما نطلب إحصائيات حوْل عدد القاصرات المتزوجات، يُطلبُ منا مراجعة وزارة العدل، رغم أن المعلومة التي نطلبها بسيطة جدا”.

وبلُغة الأرقام، فقد وصل عدد طلبات زواج القاصرات التي توصلت بها المحكمة الابتدائية بالرشيدية سنة 2012 إلى 542 طلبا، تمّ قبول 521 منها، وفي سنة 2013 انخفض عدد الطلبات المقدّمة إلى المحكمة إلى 450 طلبا، حظي 429 منها بالقبول، ليرتفع عدد الطلبات في سنة 2014 إلى 509، قُبل منها 491، وفي التسعة أشهر الماضية من السنة الجارية بلغ عدد الطلبات 262، وافق القاضي على 245 منها.

وقالت سميرة بناني إنَّ قبُول أو رفضَ طلبِ تزويج الفتاة القاصر يرتبط “بمزاج القاضي”، وأضافت المتحدثة أنّ السبب الذي جعل طلبات الزواج التي توصلت بها المحكمة الابتدائية بالرشيدية تنخفض في سنة 2013، هو الضجّة التي أحدثتها الجمعيات النسائية، وحملة التحسيس التي باشرتها، لكنّ الطلبات سرعان ما عادت إلى الارتفاع في السنة الموالية، واعترفت المتحدثة بوجود صعوبة كبيرة في تحسيس أفراد المجتمع والمسؤولين.

“الذين يتمّ إرسالهم إلى منطقة الرشيدية هم أولائك الذين فعلوا (الزّبايْل) في الرباط والدار البيضاء، أو المشرفين على التقاعد، والذين لا يرغبون في العمل”، تقول بناني، لافتة إلى أنَّ عملية التحسيس تتسمُ بصعوبة كبيرة، نظرا لأنّ الجميع يرغبُ في مغادرة المنطقة، “فالعلاقات التي نبنيها مع المعلمين والمعلمات مثلا، من أجل المساهمة في عملية التحسيس، سرعان ما تنتهي، لأنهم ينتقلون بعد سنوات قليلة، وهكذا نعود إلى نقطة الصفر، وكأننا نسكب الماء على الرمل”، تقول المتحدثة.

وأفادت بناني، بناء على نتائج البحث، بأنّ زواج القاصرات تنجم عنه مشاكل صحية ونفسية واجتماعية، تكون المرأة/الطفلة ضحيتها الأولى، مشيرة إلى أنّ هناك فتيات صغيرات يتزوجن برجال يكبرونهن بسنوات كثيرة، وأضافت المتحدثة: “هناك خلل في التركيبة الاجتماعية والثقافية للناس، والأطر الذين من كنا نأمل أن يساهموا في القضاء على هذه الظاهرة كان من المفروض أن يتشبعوا بحقوق الطفل، لكنهم غير متشبعين بهذه الثقافة، وهمْ من يتحمّل المسؤولية”.

هسبريس

مشاركة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *