الرئيسية ثقافة وفنون ظاهرة تقليد فن الأسطورة “البـاشـا” تتغزو الحفلات الصيفية.. ومنهم من لا يحمل إلا الميكروفون والجلباب

ظاهرة تقليد فن الأسطورة “البـاشـا” تتغزو الحفلات الصيفية.. ومنهم من لا يحمل إلا الميكروفون والجلباب

كتبه كتب في 24 أغسطس 2025 - 14:41

في خضم الحركية الفنية التي تعرفها ربوع المملكة خلال موسم الصيف، طفت على السطح ظاهرة فنية لافتة أثارت انتباه المتتبعين، وتتعلق بالانتشار الواسع لأغاني الفنان الراحل صالح الباشا في مختلف المناسبات، سواء في الأعراس أو السهرات أو حتى المهرجانات الفنية، حيث تحولت أعماله إلى مادة أساسية يقدمها فنانون ناشئون، بل وحتى أفراد اختاروا تقليده بشكل كامل.

وإن كانت أغاني الراحل تعتبر إرثا فنيا كبيرا يعكس خصوصية فنية أصيلة في سوس والمغرب عموما، فإن الجدل اليوم لم يعد حول مضمون تلك الأعمال، بل حول طريقة تقديمها من طرف أصوات جديدة بعضها يفتقر للموهبة، ويسعى فقط إلى تقليد حركاته وصوته ولباسه، دون إبداع أو إضافة فنية.

في حياته، كان صالح الباشا يرحب بالمجموعات الشبابية تكروبيت خصوصا التي تغني من رصيده في السهرات، بل دعم بعضها واعتبرها امتدادا طبيعيا لتجربته، لكن بعد وفاته، يقول متابعون إن إرثه تحول إلى “سلعة فنية” مفتوحة لكل من أراد الركوب على شهرته، ما أسفر عن عروض تفتقد للعمق والاحترام الفني، بل إن بعضها بات أقرب إلى الكاريكاتير الغنائي.

عدد من الفنانين والمحبين لظاهرة فن الباشا عبّروا عن استغرابهم من اتساع رقعة المقلدين في السهرات والحفلات، معتبرين أن أغاني صالح الباشا لا يمكن تأديتها فقط بنبرة صوت مشابهة أو تقليد خارجي، بل تحتاج إلى فهم عميق وإحساس فني راق، وإلا تحولت إلى تشويه لإرث رجل أعطى الكثير للفن الأمازيغي والمغربي عموما.

وفي ظل غياب التأطير الفني، يرى البعض أن ترك إرث الباشا دون حماية أو تأطير يشكل خطرا حقيقيا على قيمته الرمزية، خصوصا أن البعض بدون موهبة يقدم أغانيه في سياقات هزلية لا تراعي لا كلماته ولا رسالته الفنية، وهو ما يطرح تحديات أمام عائلته ومحبيه والمشتغلين بالشأن الثقافي.

هذا النقاش أعاد إلى الواجهة مطلب إحداث مبادرات لحماية تراث الفنانين الراحلين، عبر ورشات تكوينية أو تسجيلات رسمية مؤطرة، وحتى إنشاء مهرجانات مخصصة لتكريم أعمالهم، بما يضمن استمرارها في الذاكرة الجماعية بشكل محترف ومشرف.

ظاهرة تقليد صالح الباشا، وإن كانت تعكس حب الجمهور له، إلا أنها تفتح الباب أمام تساؤلات جوهرية: هل يكفي الشبه في الصوت واللباس لتكرار فنان؟ أم أن للفن روحا لا تليق إلا بمن يحترمها ويتقن أداءها ؟

مشاركة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *