
تعيش جهة سوس ماسة هذه الأيام على وقع دينامية جديدة، في سياق استعداد المغرب لاحتضان تظاهرات رياضية كبرى، مثل كأس إفريقيا للأمم ومونديال 2030، حيث تسعى السلطات الجهوية إلى استثمار هذا الزخم الإشعاعي لتعزيز جاذبية الجهة وتحويلها إلى قطب استثماري رئيسي في المملكة.
وفي خطوة عملية، عقد والي جهة سوس ماسة، سعيد أمزازي، اجتماعاً موسعاً حضره ممثلو السلطات الترابية، والإدارات العمومية، والمؤسسات الاستثمارية والمالية، إلى جانب ممثلين عن الغرف المهنية والجهاز القضائي وفعاليات اقتصادية من مختلف القطاعات. اللقاء خُصّص لإعادة تفعيل اللجنة الجهوية لمناخ الأعمال، باعتبارها منصة حوار وتنسيق بين القطاعين العام والخاص.
خلال هذا الاجتماع، شدد الوالي على أن تطوير مناخ الأعمال بالجهة يتطلب تجاوز العراقيل الإدارية والبيروقراطية التي تعيق الاستثمار، وذلك من خلال تبسيط المساطر، وتسهيل ولوج المستثمرين إلى التمويل، وخلق بيئة أعمال قائمة على المنافسة الشريفة، تساهم في توفير فرص شغل ذات قيمة مضافة حقيقية لفائدة شباب المنطقة.
التحركات الجديدة تأتي في إطار التنزيل الميداني للميثاق الجديد للاستثمار، وهو المشروع الوطني الضخم الذي يراهن على تعبئة 550 مليار درهم في أفق 2035، وخلق 500 ألف منصب شغل، مع تعزيز مساهمة القطاع الخاص في الاستثمار بنسبة أكبر.
موقع الجهة الاستراتيجي بين شمال المغرب وعمقه الإفريقي، يجعلها في صدارة المناطق المؤهلة لاستقطاب استثمارات كبرى، خاصة في ظل توفرها على بنيات تحتية هامة مثل ميناء أكادير التجاري، منصة التسريع الصناعي، والمنطقة الحرة، التي تمثل شرياناً حيوياً للاقتصاد الجهوي.
وبحسب معطيات رسمية صادرة عن المركز الجهوي للاستثمار، فقد شهدت الفترة الممتدة بين 2020 و2024 المصادقة على أكثر من 1500 مشروع استثماري في الجهة، بقيمة إجمالية تفوق 55 مليار درهم، ينتظر أن توفر هذه المشاريع أزيد من 50 ألف فرصة شغل، سواء بشكل مباشر أو غير مباشر.
وتشير ذات المعطيات إلى أن مدة معالجة الملفات الاستثمارية تقلصت بشكل كبير، حيث أصبحت لا تتجاوز 4 أيام في المتوسط بعد أن كانت تتطلب 30 يوماً في السابق. كما ارتفع معدل قبول المشاريع إلى أزيد من 85 في المائة، في وقت تمت فيه مواكبة أزيد من 2000 مشروع خاص بالمقاولات الناشئة والصغرى.
وفي ظل ما تزخر به الجهة من مؤهلات فلاحية وصناعية وسياحية متنوعة، تراهن سوس ماسة اليوم على استثمار الزخم الرياضي الكبير الذي ينتظر المملكة، لتثبيت مكانتها كقطب استراتيجي للاستثمار والتنمية، ليس فقط على المستوى الوطني، بل كمركز إشعاع اقتصادي نحو عمق إفريقيا.