
تخوض المديرية العامة للضرائب حرباً مفتوحة على شبكات الفواتير الوهمية، في مسعى لوقف نزيف مالي كبير ألحق خسائر ضخمة بخزينة الدولة. وتتوالى التحقيقات التي تباشرها لجان التفتيش حول مقاولات ومحاسبين ووسطاء متورطين في ترويج فواتير مزورة والتلاعب في قيمتها بهدف التهرب الضريبي.
وتفيد المعطيات أن هذه الحملة تأتي بعد تفكيك شبكة خطيرة بفاس تضم 16 شخصاً من أصحاب الشركات والمحاسبين والتجار، وهي القضية التي فتحت الباب أمام تحريات موسعة طالت عشرات الشركات في مدن عدة، أبرزها الدار البيضاء، طنجة، القنيطرة، الجديدة ومراكش.
التحقيقات كشفت عن وجود معاملات مالية ضخمة مشبوهة، يتم التدقيق فيها حاليا لرصد جميع المتورطين المحتملين. وتعمل لجنة تفتيش خاصة على افتحاص شامل لكل العمليات ذات الصلة، خاصة تلك المرتبطة بأعضاء شبكة فاس.
وقد تمكنت المصالح المختصة من رصد تحويلات بنكية وهمية بين شركات تصدر فواتير مزورة وأخرى تستخدمها في التصريحات الضريبية، حيث يتم دفع قيمة الفاتورة كاملة عبر التحويل البنكي أو شيكات غير قابلة للتظهير، ليتم لاحقاً سحب المبلغ وإرجاع الجزء الأكبر منه، بعد خصم عمولة محددة، ما يثبت صورية هذه المعاملات.
التحقيقات تسير أيضاً نحو مراجعة الحسابات الجبائية للشركات المشتبه فيها لآخر عشر سنوات، في إطار الصلاحيات القانونية المتاحة لإدارة الضرائب. ويجري التنسيق مع مؤسسات أخرى، منها إدارة الجمارك والضرائب غير المباشرة والصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، لتوسيع دائرة التحري وتعقب الشركات التي اختفت من سجلات الرقابة.
وتجدر الإشارة إلى أن قانون المالية لسنة 2021 منح صلاحيات موسعة لإدارة الضرائب، حيث بات بإمكانها إحالة الملفات المشبوهة مباشرة على النيابة العامة دون الرجوع إلى لجنة المنازعات الضريبية، وهو ما سهل تسريع وتيرة المتابعة والزجر.
وقد أسفرت بعض هذه الملفات عن أحكام بالسجن النافذ بلغت سنتين ونصفاً ضد متورطين في مدن مثل فاس والدار البيضاء، في قضايا تتعلق بالغش والتزوير في الفواتير والتهرب الضريبي.
وتؤكد المؤشرات أن هذه الإجراءات ساهمت بشكل واضح في إنعاش مداخيل الضريبة على القيمة المضافة، مما يعكس فعالية هذه الحملة الوطنية ضد التلاعبات الجبائية، وحرص الدولة على فرض الانضباط الضريبي.