الرئيسية مجتمع المغرب يودع أحد علمائه الكبار.. وفاة الشيخ السوسي لحسن وكاك بعد سبعة عقود في خدمة العلم والدعوة

المغرب يودع أحد علمائه الكبار.. وفاة الشيخ السوسي لحسن وكاك بعد سبعة عقود في خدمة العلم والدعوة

كتبه كتب في 5 أغسطس 2025 - 07:11

فقدت الأوساط الدينية والعلمية في منطقة سوس، مساء الأحد، أحد أبرز أعلامها، بوفاة الشيخ والعالِم لحسن بن أحمد وكاك، عن عمر ناهز 95 عامًا، بعد مسيرة دعوية وتعليمية امتدت لأكثر من سبعة عقود، تميزت بالدعوة إلى التوحيد، والتمسك بالسنة، ومحاربة البدع والخرافات.

الشيخ لحسن وكاك، المولود سنة 1930 بدوار “الزاويت” بمنطقة أكلو بإقليم تيزنيت، نشأ في بيئة علمية عريقة تحتضن المدرسة العلمية العتيقة سيدي وكاك، أقدم المدارس العتيقة في البادية المغربية.

وقد شكل هذا المحيط العلمي بداية مسار حافل في خدمة الدين والعلم، جعل منه شخصية مرجعية وأبًا روحيًا للعديد من العلماء والدعاة بالمغرب وخارجه.

وبدأ الراحل حفظ القرآن الكريم في سن مبكرة على يد الشيخ الحسن زدي همو، قبل أن يواصل تحصيله العلمي في منطقتي “حاحا” و”إيدويران”، حيث تتلمذ على يد عدد من كبار الشيوخ، من بينهم محمد بن علي نايت داود وأحمد بن لحسن الأستيفي، وتعمق في علوم اللغة العربية والفقه المالكي على يد الشيخ أحمد الزيتوني.

في خمسينيات القرن الماضي، التحق بالجامعة اليوسفية بمراكش، حيث درس على يد نخبة من كبار العلماء أمثال العلامة محمد بن عبد الله الكيكي، والمحدث عبد الرحمن أبو شعيب الدكالي الصديقي.

وبعدها، مارس التدريس في مدن عدة، من بينها آسفي وتارودانت، قبل أن ينتقل في السبعينات إلى دار الحديث الحسنية، التي حصل منها على شهادات عليا في الحديث والتفسير وعلوم القرآن.

واصل مسيرته العلمية خارج الوطن، حيث التحق سنة 1983 بجامعة “أم القرى” في مدينة الطائف بالسعودية أستاذا مساعدًا، قبل أن يعود إلى المغرب ليكمل مساره الأكاديمي بكلية اللغة العربية في مراكش.

وقد تُوج مساره العلمي بعدد من المؤلفات أبرزها: “تقييد وقف القرآن الكريم للشيخ الهبطي.. دراسة وتحقيق” و*”منبهة الإمام الداني.. دراسة وتحقيق وتعليق”*، وهما أطروحتا نيله لدبلوم الدراسات العليا والدكتوراه.

وقد خلف خبر وفاته حزنًا عميقًا في الأوساط العلمية والدعوية. وكتب الشيخ عمر القزابري، إمام مسجد الحسن الثاني بالدار البيضاء، في رسالة نعي مؤثرة على صفحته بـ”فيسبوك”: “انتقل إلى جوار ربه فضيلة الشيخ العالِم الرباني لحسن وكاك… عرفته عالما متواضعا، داعيا إلى الله على بصيرة، معظّما لكتاب الله وسنة رسوله، وقضى أكثر من سبعين عامًا في خدمة العلم وأهله، ناصحًا ومرشدًا”.

وأضاف القزابري: “لقد كان جارا لنا في حي ‘أسيف’ بمراكش، صديقا لوالدي رحمه الله، وكان ينوب عنه أحيانًا في الإمامة. فقد العلماء من أعظم المصائب، وخصوصًا في هذا الزمان الذي كثر فيه الجهل وراجت فيه التفاهة”.

كما نعاه سعد الدين العثماني، رئيس الحكومة السابق، حيث كتب: “توفي الشيخ الدكتور لحسن وكاك، مخلفًا سيرة عطرة وإرثًا علميًا وتربويًا ودعويًا حافلًا. عرفته المنابر والمساجد والجامعات، منافحًا عن الدين والأخلاق والفضيلة. اللهم اغفر له وارحمه، وتقبله في الصالحين، وارزق أهله الصبر والسلوان”.

وبرحيل الشيخ لحسن وكاك، يودع المغرب واحدًا من كبار علمائه ودعاته المصلحين، ممن ساهموا في ترسيخ قيم الوسطية والاعتدال، وعملوا بصمت ونكران ذات على نشر العلم الشرعي في البوادي والمدن، بين الكراسي العلمية والمنابر الدعوية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *