تشهد أسعار البيض في الأسواق المغربية منذ مطلع الصيف الحالي ارتفاعا غير مسبوق، حيث تجاوز ثمن الوحدة 1.50 درهم في بعض المناطق، رغم تراجع أسعار المواد الأولية دوليا واستمرار الامتيازات الضريبية للفاعلين في القطاع.
ويثير هذا التناقض بين معطيات الإنتاج وواقع الأسعار تساؤلات حادة حول وجود اختلالات هيكلية في سلاسل التوزيع، وسط اتهامات بوجود تواطؤات بين المنتجين الكبار والموزعين لخلق نقص مصطنع في العرض ورفع الأسعار بشكل غير مبرر.
في هذا السياق، دعت رابطة الدفاع عن حقوق المستهلكين بطنجة في مراسلات رسمية إلى وزارة الداخلية ووزارة الفلاحة ومجلس المنافسة، إلى فتح تحقيق في ممارسات مشبوهة داخل القطاع، بينها إتلاف متعمد لأمهات الدجاج البياض، مطالبة بتفعيل آليات الرقابة واسترجاع التوازن المفقود في السوق.
وتؤكد الرابطة أن غياب أثر ملموس للدعم الحكومي على أسعار البيع بالتقسيط، يكشف عن توظيف الامتيازات العمومية لتحقيق أرباح غير مشروعة، في ظل صمت مجلس المنافسة وعدم تدخله حتى الآن لوقف ما وصفته بـ“التفاهمات الاحتكارية”.
في المقابل، يرى مهنيون في قطاع الدواجن أن هذه الزيادات “طبيعية” نتيجة اضطراب في الدورة الإنتاجية بسبب عوامل مناخية واختلالات في إمدادات الأعلاف، معتبرين أن الأسعار ستعرف انفراجاً مع استقرار السوق خلال الأشهر المقبلة.
غير أن هذه التبريرات لم تقنع المستهلكين الذين يلمسون ارتفاعات عشوائية في الأسعار دون تبريرات رسمية، ما يزيد من حالة الاحتقان الشعبي ويطرح علامات استفهام حول جدوى السياسات الفلاحية في ضبط السوق الداخلية وحماية القدرة الشرائية.
وبين تضارب الروايات وتراخي الأجهزة الرقابية، يبدو أن أزمة تموين البيض تحولت إلى عنوان صارخ لاختلالات أعمق تمسّ منظومة الأمن الغذائي بالمغرب، في ظل هيمنة قوى احتكارية على مفاصل العرض، وعجز السلطات عن التدخل الفوري لتصحيح الأعطاب المتراكمة.
