كشف تقرير للمجلس الأعلى للحسابات عن معطيات مثيرة بشأن الدراسات التقنية التي قامت بها الجماعات الترابية في ثماني جهات من المغرب، حيث بلغت تكلفة هذه الدراسات حوالي 104 مليون درهم، دون أن تُسفر عن مشاريع تجهيز حقيقية.
ووفقًا للتقرير، فإن نسبة المشاريع التي تم إنجازها أو التي هي في طور الإنجاز نتيجة لهذه الدراسات، أظهرت تفاوتًا كبيرًا بين الجهات المختلفة. ففي بعض الحالات، لم تتجاوز النسبة 20%، مما يعكس التحديات الكبيرة في تحويل هذه الدراسات إلى مشاريع فعلية تخدم المواطنين.على سبيل المثال، في جهة كلميم-واد نون، تم إنجاز دراسات لـ 50 مشروعًا بتكلفة 1.339 مليون درهم، لكن المشاريع المنجزة أو الجارية لم تتجاوز 10 مشاريع فقط، بقيمة 6.63 مليون درهم. بينما في جهة بني ملال-خنيفرة، كانت النسبة أقل من 30%، حيث تم إنجاز أو البدء في 130 مشروعًا فقط من أصل 444 مشروعًا بتكلفة إجمالية قدرها 8.488 مليون درهم.وأوضح التقرير أن سبب ضعف نسبة الإنجاز يعود إلى عدة عوامل رئيسية، أبرزها نقص الاعتمادات المالية. حيث يتم إعداد الدراسات التقنية دون تخصيص ميزانيات كافية لتنفيذها، ما يساهم في إضاعة الوقت والموارد. كما يعتمد العديد من الجماعات الترابية على تمويلات من مؤسسات عمومية أخرى أو تكفلها بالمشاريع بشكل كامل دون وجود ضمانات كافية للحصول على الدعم المالي المطلوب.وأشار التقرير إلى أن تكلفة الدراسات التي لم تُسفر عن أي مشاريع تجهيز تجاوزت 81.103 مليون درهم، موزعة على 101 صفقة بقيمة 14.89 مليون درهم، و153 سند طلب بتكلفة 67.14 مليون درهم. وأكد التقرير أن تأخر تنفيذ المشاريع أو عدم إنجازها يتسبب في فقدان الجدوى الاقتصادية لهذه الدراسات، خاصة في ظل تغير الظروف الاقتصادية واحتياجات المجتمعات.يُبرز هذا التقرير الحاجة الملحة إلى إعادة تقييم طريقة إعداد الدراسات التقنية في الجماعات الترابية، وضمان ربطها بميزانيات ملائمة وخطط تمويل واضحة لتجنب ضياع الموارد وتحقيق التنمية المنشودة في مختلف الجهات.