الرئيسية مواقف وأراء استغاثة كتاب المحامين

استغاثة كتاب المحامين

كتبه كتب في 12 أغسطس 2020 - 23:14

هناك الكثير من المهن التي بدأت تعرف حضورا متميزا في العديد من القطاعات: المحاماة، الصيادلة، طب الاسنان، الكتابة العمومية، الخدمات…. وفي هاته القطاعات يعيش هؤلاء المشغلون في هذا المجال أوضاعا غير مهيكلة وغير محمية بأي قانون تنظيمي ،فكتاب المحامون يؤدون دورا اساسيا بل يشتغلون في ظروف أقل ما يقال عنها انها تعطي صورة عن شبه نخاسة، حيث يعمل كاتب المحامي في غياب حقوق مدنية ومادية ،وغياب ظروف عمل انسانية. يشتغلون طوال اليوم بل والسنة بين الادارات مشيا على الاقدام ،او عبر وسائل النقل العمومية، أو النقل الخاص من مصروفهم الخاص، يتابعون الملفات ويهيئون للمحامي مشاريع ملفاتهم، وأجوبتهم بل يمسكونها ويطبعونها ويستنسخونها، وينتقلون بين جميع أنواع المحاكم والإدارات الموازية لها ، ومزيدا من الاعباء الادارية وغيرها وكأنهم آلات او روبوتات تعمل بدون انقطاع في غياب حقوق ومحفزات مادية ملائمة لعملهم شأنهم في ذلك شأن العاملين في المجالات الاخرى. هؤلاء وأمثالهم كثيرون يعملون في شروط وظروف غير محصنة ومحمية. لذا آن الأوان للمسؤولين الحكومين والامانة العامة للحكومة ، وقبل هؤلاء المشغلون الذين يوظفون هؤلاء التفكير في صياغة مشاريع قوانين تنظيمية لمهن هؤلاء.

واذا كان فضاء المحاماة ميدانا حقوقيا بامتياز، فالاولى من هؤلاء الذين خول لهم المجتمع مهمة الدفاع عن الحقوق الاجتماعية والسياسية والمهنية أن يبادروا الى اخراج قانون تنظيمي يحمي ويصون حقوق العاملين في مجال المحاماة وخصوصا كتاب المحامين.

ولاخراج مشروع قانون تنظيمي لمهنة كتابة المحاماة بادر عدد من المناضلين الجمعويين في هذا المجال إلى إخراج مشروع قانون تنظيمي يعرف بحقوق وواجبات كتاب المحاماة ومسؤولية وأهلية ومهامه وكذا حقوقه لحمايته اجتماعيا وصحيا ومعاشيا ومن أهم ماجاء في مسودة مشروع القانون التنظيمي:

1 حقه في حماية وضمان وضعه الاجتماعي حيث يجب التصريح بجميع كتاب المحامين رسميا لدى مصالح الضمان الاجتماعي وبنفس الاجر الذي يتقاضونه مع استفادتهم من التعويضات العائلية والتعويض عن المرض وراتب الزمانة.

2 التأمين الصحي وذلك بتمكين جميع كتاب المحامين من الاستفادة من التأمين الصحي وتعويضهم عن الامراض المزمنة والعارضة اضافة الى الاستفادة من التغطية الصحية.

3 الاجور والتي يجب ان تخضع لنظام الاقدمية والشهادات والترقيات على ان يشمل الاجر التعويضات عن الا عباء ومنح الاعياد والعطل السنوية والساعات الاضافية والشغل خارج الدائرة القضائية.

ولم ينس هؤلاء في مشروعهم التنظيمي ماعليهم من مسؤوليات وواجبات فأكدوا ان كاتب(ة) المحامي يجب عليه احترام النظام العام الذي تسير عليه المحاكم والادارة واحترام المسؤولين القضائيين وكل الموظفين في الادارات العدلية كما اكدوا على ضرورة التقيد بالنصوص والقوانين المنظم لمهنة المحاماة والمحافظة على سرية الوثائق والسر المهني، أما على صعيد المسؤولية فيرى المشروع ان المسؤولية الجنائية هي عاتق الكاتب اذا ارتكب فعلا جنحيا او جنائيا.. وهو مسؤول عن افعاله وتصرفاه المخالفة للقانون والعرف وتقع على المحامي المشغل المسؤولية المدنية الناجمة عن الاخطاء المهنية التي يمكن ان تصدر عن الكاتب باعتباره مشغلا له ، ووضع المشروع شروطا لكل راغب لممارسة مهنة كاتب المحاماة من امثال شروط الاهلية المدنية والجنسية المغربية والشروط الاخرى المتعلقة بسجله القضائي والعلمي مع ادائه اليمين القانونية.

ويزاول الكاتب مهامه داخل مكتب المحاماة بعد مروره بفترة التمرين على ان يزاول عمله بصفة رسمية بعد ان يتم قبوله من طرف لجنة ثلاثية تضم اعضاء الهيئة وجمعية كتاب المحامين وعضوا من النقابة الممثلة لكتاب المحامين ثم حدد المشروع المهام لكتاب المحامين سواء داخل المكاتب او خارجها، ان هاته الوثيقة تعتبر مبادرة تنظيمية ومؤسساتية تؤسس لترسيخ مهنة كتابة المحامي عوض ان تبقى مهنة لاحدود لها ولالون لها وكانهم عبارة عن خدام او اعوان يعملون تحت امرة المشغل كيفما اراد في حين انه اليوم يتوفر هؤلاء على ثقافة قانونية عميقة وشواهد علمية رصينة وخبرة ميدانية قد تقوق خبرة المشغل لكونهم متمرسون بالميدان ويعرفون كل جوانبه كما ان لهم ثقافة تواصلية مع وبناء المحامين وكل فئات مجتمع العدل من المفوض القضائي والمحررالقضائي وكتاب الضبط ووو.

فهل ستصل هاته المبادرة وهاته الرسالة الى كافة المنتمين لقطاع العدالة والمحاماة حماية لهم وصيانة لحقوقهم ورفعا لقيمة هاته الفئة في فترة اصبح فيها الجميع اليوم يتغيأ تحقيق مجتمع العدالة والمساواة والحقوق.

وللاستئناس باوضاع هاته الفئة، أطلعنا على عدد من الحالات المأساوية التي قضت زهرة عمرها في هذا القطاع وضحت بوقتها وصحتها وعائلتها لاجل خدمة المحاماة والعدالة، دون ان تستفيد من اي شيء لاتعويضات عائلية لامعاش ولاحماية صحية والاالتفاتة من هيئة المشغلين فعادوا الى اسرهم وعائلاتهم بأمراض مزمنة كلفتهم التضحية بحياتهم وقوت عائلتهم ومنهم من اضطر بعد سنين طويلة الى مزاولة الكتابة العمومية »المحظورة الآن» أو الاكتفاء بالاستشارات القانونية لفائدة من تاه بهم القضاء والمحاماة ربما لأن هؤلاء يملكون تجارب وخبرات تفوق تجارب وخبرات المسؤولين القضائيين ونقباء المحاماة ومع ذلك يرمون في قارعة طريق مجتمع مهمل ومهمش فمنهم من فقد »عقله» ومنهم من فقد صحته ومنهم من فقد مكانته الاجتماعية فهل سيبقى هؤلاء عرضة للتهميش والاحتقار.

إن نجاح أي محام في مهمته في التقاضي أو الترافع أو الدفاع عن حقوق موكليه تقتضي أن يكون أولا في وضعية ادارية وتنظيمية معززة بهيئة مساعدة من كتاب وكاتبات وأطر مكتبية قادرة على إنجاز كل المسؤوليات الملقاة على هيئة المحاماة لأن هاته الهيئة لا تكتمل صورتها إلا إذا أنجزت وحققت حقوق المساعدين الذين يشتغلون إلى جابنها فهل يعقل أن يدافع المحامي عن حقوق الغير؟ وينسى أو يتناسى حقوق المشاركين؟ أو المتشاركين معه في أعباء المسؤولية وخصوصا كتاب المحامين، فهم الذين يتواصلون مع زبناء المكتب ويطلعون على الملفات ويضبطون تواريخ الجلسات ويستنسخون الوثائق ويتكفلون بتتبع الدعاوي القضائية ويستأنفون الأحكام في بعض الأحيان بالنيابة وخارج حدود الدائرة القضائية… وغيرها من المهام الدقيقة والصعبة، بل إنهم غالبا ما يحرمون من عطلهم أو لا تسمح لهم ظروف العمل بالتغيب أو الابتعاد عن العمل مما يجعلهم يتنازلون عن حقهم في هاته العطل خدمة لصالح العمل القضائي للمتقاضين أو زبناء المكتب الذين يتواصلون يوميا لتتبع تفاصيل الملفات، هاته الأعمال الشاقة والتي تؤثر سلبا على الجوانب الصحية والنفسية والذهنية وتحرمهم حتى من التواصل العائلي نظرا لكثافة العمل.. تجعل بعضهم يتعرض لأزمات نفسية أو لأمراض مزمنة السكري الضغط القلب..حتى أن عددا منهم يكون ضحية إحدى هاته الامراض.

 فهل يستطيع مشروع القانون التنظيمي أن يحقق حدا أدنى من الحقوق المادية والمهنية والاجتماعية والصحية؟ ..خصوصا وأن هاته الفئة بدأت تتوسع قاعديا وتشكل رقما عدديا مهما في هذا القطاع ،هذا التساؤل يدفعنا إلى القول بأن كتاب المحامون في المغرب جنود أوفياء للعدالة غير أن هاته العدالة غير عادلة في حق هؤلاء الجنود المجهولون، وخير مثال عن ذلك ما حصل  وما تم تداوله في الآونة الأخيرة  ممن  أسندت إليهم مهمة حماية حقوق الشغيلة ،والذي انفجرت معه تلك القضية المتعلقة بحماية حقوق المشغل وتمتيعه بالحد الأدنى من تلك الحقوق، فهل تتحرك آلة المسؤولين لفائدة الآف العاملين في مختلف مكاتب المحاماة أو على الأقل القيام ببحث وتقصي وطني لمشاكل ومشاغل هاته الفئة؟ أو الإسراع بإخراج القانون التنظيمي إلى حيز الوجود ونصوص تطبيقه .

مشاركة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *