الرئيسية مجتمع القْليعة .. بؤس يطلّ بوجهه البشع على “قَلعةُ الإجرام” في سُوس

القْليعة .. بؤس يطلّ بوجهه البشع على “قَلعةُ الإجرام” في سُوس

كتبه كتب في 16 نوفمبر 2016 - 19:20

أكادير تيفي/ 

الفوْضى العارمةُ هيَ السّمة الأساسية والعنوان البارز للمشهد العامّ بجماعة القليعة، التابعة لعمالة إنزكان أيت ملول (حوالي 25 كيلومترا عن مدينة أكادير)؛ هنا، أينما ولّيت وجهك ترى الفوضى؛ في الشارع الرئيسي الوحيد الذي يخترق الجماعة، وفي الأزقّة والحارات الضيّقة، وفي كل مكان.

وكلّما ابتعد زائر الجماعة عن “الشارع الرئيسي”، الذي لا يحمل من الشارع إلا الاسم، نظرا للحالة المُزرية التي يوجد عليها، سواء من حيث التنظيم، أو حالة قارعة الطريق، أو الإنارة العمومية الضعيفة، (كلما ابتعد الزائر عن الشارع)، وتوغّل في الحارات والأزقة الداخليّة، يزداد حجم البؤس والفوضى والخطر أيضا.

الخوْفُ من الجريمة المنظمة

إذا كان سكّان جماعة القليعة، يقولون إنّ الوضع الأمنيّ في الجماعة، حاليا، أسودُ، فإنهم ينظرون بكثير من التوجّس إلى المستقبل، ويروْن أنّ الوضع سيكون أكثر سوداويّا؛ وذلك راجع، إلى عدّة إشكاليات بنيوية معقّدة، تعيشها الجماعة، والتي لا يمكن استتباب الأمن بدون معالجتها، يقول فاعل جمعوي.

الإشكاليات التي تحدّث عنها الفاعل الجمعوي، تكمُن، على الخصوص، في غياب البنية التحتية، من طًرق وأزقّة، وغياب الترميم والإصلاح. زائرُ جماعة القليعة يلاحظ الخصاص المهول الذي تعاني منه الجماعة على مستوى البنية التحتية؛ فعندما تهطل بضع قطرات من المطر يصير “الشارع الرئيسي”، المحفّرة جوانبه، والذي تسوده الفوضى على مدار اليوم، عبارة عن برْكة مائية كبيرة.

والشيء ذاته ينطبق على الأزقّة والحارات الضيّقة؛ أثناء جولتنا في هذه الأزقّة، لاحظنا أنّ الأوحال التي خلفتها الأمطار التي تهاطلت قبل أيّام على الجماعة، على قلّتها، ما تزال تستوطن الأزقة؛ هنا لا يوجد شيء اسمه قنوات الصرف الصحّي، ولا قنوات صرف مياه الأمطار، لذلك تظلّ مياه الأمطار راكدة إلى أن تجفّ، وإذا كانت كمّيات المطر كبيرة، تسلك المياه طريقها نحو بيوت السكان.

في الأزقّة الهامشية توجد أخاديد حفرها السكّان، لصرف مياه الغسيل، فتتحوّل مياه الاستعمال المنزليّ إلى مياه عادمة، يلعب الأطفال بجوارها؛ في كثير من الأزقة يلزمك أن تضع سبّابتك وإبْهامك على أنفك تفاديا لاستنشاق الروائح النتنة، ويبقى المشكل الأخطر، الذي تعاني منه الجماعة، ويهدّد سلامة أسس البيوت، هو غياب قنوات الصرف الصحّي.

فعلى الرغم من الكثافة السكانية العالية التي تستوطن الجماعة، إلا أنّها لا تتوفر على “الوادي الحارّ”، هنا، تنام بيوت السكّان، التي بُني كثير منها بشكل عشوائي، على بحيرة هائلة من المياه العادمة، عبارة عن “مطامير” يخفرها الناس تحت البيوت، وتفرغ فيها مياه الحمامات والمراحيض.

هذا الوضع، يقول فاعل جمعوي، يجعل التربة هشّة، وبالتالي يتهدّد خطر الانهيار البيوت. عندما تُمْلأ “المطامير”، يلجأ السكّان إلى إفراغها، عبر وسائل بدائية، عبارة عن صهاريج تجرّها جرّارات (Tracteur)، ويتمّ حمل حمولة المياه العادمة إلى أرض خلاء، وتفرغ هناك، مقابل 80 درهما. هنا لا أحد يهتمّ بشيء اسمه البيئة.

أين المفـــرّ؟

ما بين الفوضى السائدة في الشارع الرئيسي والحارات، لا يملك سكّان جماعة القليعة مكانا يأوون إليه، هربا من البشاعة التي تستوطن كلّ مكان؛ المنتخبون، لم يوفّروا للساكنة ولو حديقة صغيرة واحدة؛ المكان الوحيد الذي تلجأ إليه النساء والأطفال بعد العصر عبارة عن بقعة أرضية مقفرة، جوار الدائرة الثانية. المكان لا يصلح حتى للجلوس، لكن لا مفرّ.

هناك، البؤس يطلّ بوجهه البشع من كلّ مكان، في ظلّ الإهمال الذي يطال كل شيء، ويطال كلّ شبْر من هذه الأرض؛ يستحيل أن ترى أثرا للخُضرة على أرض الجماعة، لا حدائق ولا أماكن خاصّة للأسر والأطفال، حتى الحديقة الصغيرة للدائرة الثانية المطلّة على الشارع الرئيسيّ جُفّت أوراق شجيْراتها وربيعها، وحلّت محلّه الأزبال، في مشهد بئيس يلخّص الوضع العامّ للجماعة.

“أنت لست بحاجة لتسأل الناس عن أحوال الجماعة، يكفي أن تقوم بجولة صغيرة لترى كل شيء بعينيك، الوضع هنا لا يحتاج إلى أيّ تعليق، ما دام أنه يعبّر عن نفسه بنفسه”، يقول مرافقنا خلال جولة مسائية في الجماعة. إضافة إلى غياب الحدائق، يحكي مرافقنا أنّ هناك انعداما للفضاءات الرياضية الخاصّة بالشباب والأطفال، وهو ما يجعل الشارعَ المتنفّس الوحيد لهم، “وهناك يتعلمون كل أنواع الموبقات”، يضيف.

متابعات

 

مشاركة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *