
لم تعد جبهة البوليساريو سوى “عصابة إجرامية خارج الشرعية”، تمارس الإرهاب والسطو وتهدد أمن واستقرار المنطقة، تحت رعاية وحماية النظام الجزائري الذي يمدها بالمال والسلاح والغطاء السياسي.
وشهدت منطقة المالحة على الحدود الموريتانية، أول أمس الخميس، حادثا خطيرا بعدما توغلت دورية مسلحة تابعة للجبهة الانفصالية لمسافة 200 متر داخل الأراضي الموريتانية، حيث أقدمت على اختطاف مجموعة من المنقبين عن الذهب ومصادرة سياراتهم. ولم يتراجع عناصر الجبهة إلا بعد تدخل وحدة من الجيش الموريتاني، ليضطر ممثلوها إلى تقديم اعتذار رسمي والتعهد بإرجاع ما تمت مصادرته.
هذا السلوك يعكس الطابع الإجرامي للجبهة، التي تحولت من ميليشيا مأجورة إلى عصابة تمتهن السطو والابتزاز والإرهاب العابر للحدود. وما وقع في المالحة ليس سوى حلقة جديدة في سلسلة طويلة من الممارسات التي تعتمدها الجبهة لتمويل أنشطتها غير المشروعة، من تهريب السلاح والمخدرات إلى الاتجار بالبشر والتنقيب غير القانوني عن الذهب.
وتبرز هذه التطورات أن البوليساريو تمثل تهديدا مباشرا لاستقرار منطقة الساحل والصحراء، وليست مجرد طرف في نزاع إقليمي كما تحاول الجزائر الترويج له. استمرارها في التصرف كـ”قطاع طرق” يطرح سؤالا محوريا أمام المنتظم الدولي حول حدود التساهل مع جماعة خارج القانون تمارس الترهيب وسرقة ممتلكات المدنيين.
إن مواجهة هذا الوضع لم تعد تقتصر على إعادة إطلاق المسار السياسي، بل تتطلب أيضاً محاصرة أنشطة هذه العصابة ومساءلة داعميها، وعلى رأسهم النظام الجزائري. فبينما تضخ الجزائر الموارد في جسد البوليساريو، تتحمل موريتانيا تبعات اعتداءاتها المباشرة، ما يجعل إغلاق منافذ التمويل وتجفيف منابع الدعم شرطاً ضرورياً لتفادي انفلات أمني أوسع سيدفع ثمنه الأبرياء قبل غيرهم.