الرئيسية وطنية إيكودار.. بنوك أمازيغية مغربية عمرها قرون في قلب جبال تارودانت

إيكودار.. بنوك أمازيغية مغربية عمرها قرون في قلب جبال تارودانت

كتبه كتب في 24 أبريل 2025 - 15:03

في أعالي جبال جماعة إغرم بإقليم تارودانت، وعلى بُعد نحو 100 كيلومتر من المدينة، تواصل “المخازن الجماعية” أو ما يُعرف محليًا بـ”إيكودار” صمودها في وجه الزمن، محافظة على هويتها المعمارية والثقافية التي تعكس عمق حضارة الأمازيغ في المغرب.

وتُعد “إيكودار” من أبرز المعالم التاريخية التي تجسد أولى أشكال الأنظمة البنكية التقليدية، حيث كانت تستخدم كمخازن آمنة لحفظ ممتلكات أفراد القبيلة من وثائق مهمة كعقود البيع والزواج، إضافة إلى المجوهرات، والمنتجات الغذائية الثمينة كالحبوب، والتمر، والتين المجفف، والعسل، والزعفران، والزيت.

هندسة معمارية محكمة وأدوار متعددة

تتميز هذه المنشآت الحجرية بتصميمها الهندسي الفريد، إذ تُبنى فوق قمم الجبال بأسوار عالية وأبراج دفاعية يتراوح عددها بين اثنين إلى أربعة. ولا تحتوي على سوى مدخل واحد يخضع لحراسة مشددة من طرف شخص يُعرف بـ”لامين”، وهو أمين المخزن، يحمل مفتاحه ويشرف على أمنه، ويُجسد اسمه دلالة على الثقة وحفظ الأمانة.

ووفقًا للأستاذ والباحث في التراث، محمد أونكو، فإن “إيكودار” هي جمع كلمة “أكادير”، وتعني “المخزن المشترك” بالأمازيغية، وقد شُيّدت منذ قرون طويلة، وتتألف عادة من ثلاثة إلى أربعة طوابق تضم غرفًا صغيرة متساوية الحجم، يتم الولوج إليها عبر أبواب خشبية متينة، وتعود ملكية كل غرفة لأسرة محددة تقوم بصيانتها بانتظام.

نظام حراسة وتنظيم قبلي متكامل

تدار “إيكودار” بنظام دقيق، حيث يتولى “لامين” مسؤولية مراقبة الدخول والخروج، بينما تمتلك كل عائلة مفتاحًا خاصًا بمخزنها. وكان مجلس القبيلة المعروف باسم “إنفلاس” يشرف على تنظيم الشؤون العامة، بما في ذلك إدارة المخازن وحل النزاعات.

وتزداد أهمية هذه المخازن خلال مواسم الحصاد، حيث تحفظ فيها المنتجات الزراعية القيّمة، ولا تُفتح إلا بحضور الأمين وفق نظام يضمن التهوية الجيدة وحماية المحتوى من التلف.

تراث لامادي وتحول سياحي واعد

تُعد “إيكودار” أكثر من مجرد منشآت حجرية؛ فهي إرث ثقافي لامادي يعكس القيم الاجتماعية والتنظيمية للمجتمعات الأمازيغية. وفي إطار جهود الحفاظ عليها، انطلقت العديد من المبادرات من قبل جمعيات ثقافية ومؤسسات رسمية تهدف إلى ترميم هذه المواقع وتحويلها إلى وجهات سياحية تحتفي بالتاريخ وتروّج للثقافة المحلية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *