تشهد الكرة المغربية موجة هجرة غير مسبوقة للاعبين نحو الدوري الليبي، في ظاهرة تعكس التحديات الاقتصادية التي تواجه الأندية الوطنية. فبعد انتقال محمد زريدة إلى نادي الاتحاد الليبي مقابل 800 مليون سنتيم، تبعته أسماء بارزة أخرى، مثل شيخنا ساماكي، هداف الدوري المغربي، الذي فسخ عقده مع أولمبيك آسفي مقابل 150 ألف دولار. كما انضم المخضرم زكرياء حدراف إلى نادي الصقور، وانتقل أيمن الحسوني إلى فريق السويحلي، فيما لا تزال مفاوضات جارية لانتقال لاعبين آخرين، من بينهم نوفل الزرهون. ووصل عدد اللاعبين المغاربة الذين غادروا البطولة الاحترافية نحو الدوري الليبي إلى أكثر من 30 لاعبا، وهو رقم قياسي يعكس حجم الأزمة التي تعاني منها الكرة المغربية.
ويرجع هذا النزوح الجماعي إلى الأزمة المالية الخانقة التي تعاني منها الأندية المغربية، والتي أصبحت عاجزة عن تسديد مستحقات لاعبيها، ما دفع الكثيرين إلى البحث عن فرص أكثر استقرارًا ماليًا. وعلى الرغم من ارتباط اللاعبين المغاربة تقليديًا بالدوريات الخليجية، إلا أن البطولة الليبية أصبحت وجهة مفضلة، خاصة بعد رغبة الأندية الليبية في تعزيز صفوفها بعد فترة من الركود. كما ساهم ضعف الشروط الجزائية في عقود اللاعبين بالمغرب في تسهيل انتقالهم، وهو ما استغلته الأندية الليبية لضم نجوم البطولة الاحترافية بتكاليف منخفضة.
وتبرز هذه الظاهرة قيمة اللاعب المغربي في شمال إفريقيا، لكنها في الوقت ذاته تسلط الضوء على هشاشة المشروع الاحترافي في المغرب. فضعف الحوكمة المالية وسوء التسيير جعل الأندية المغربية غير قادرة على الاحتفاظ بنجومها، مما قد يؤثر سلبًا على مستوى البطولة على المدى الطويل. ومع استمرار المفاوضات بين لاعبين آخرين وأندية ليبية، يبدو أن موجة النزوح الجماعي لن تتوقف قريبًا، ما لم يتم اتخاذ إجراءات حاسمة لضبط سوق الانتقالات وضمان استقرار الأندية المغربية ماليًا وقانونيًا.