كشف تقرير حديث صادر عن المجلس الأعلى للحسابات عن معطيات مثيرة تتعلق بالدراسات الفنية التي أنجزتها الجماعات الترابية في ثماني جهات بالمغرب، حيث بلغ مجموع تكلفتها حوالي 104 مليون درهم، دون أن تُسفر عن أي مشاريع ملموسة تذكر.
ورغم أن هذه الدراسات كانت تهدف إلى تحسين البنية التحتية في عدة مناطق، إلا أن نسبة المشاريع المنفذة منها أو التي هي قيد الإنجاز لا تتجاوز معدلات ضعيفة، مما يثير تساؤلات حول جدوى هذه الدراسات وكيفية إنفاق هذه الأموال الطائلة.
وتشير المعطيات التي كشف عنها التقرير إلى تفاوت كبير بين الجهات فيما يخص تنفيذ المشاريع الناتجة عن هذه الدراسات.
ففي جهة كلميم-واد نون، تم إعداد دراسات لـ50 مشروعًا بتكلفة 1.339 مليون درهم، إلا أن عدد المشاريع التي تم إنجازها أو هي قيد الإنجاز لم يتجاوز 10 مشاريع فقط بقيمة 6.63 مليون درهم.
أما في جهة بني ملال-خنيفرة، فقد أُعدت دراسات لـ444 مشروعًا، إلا أن عدد المشاريع المنجزة أو التي في طور الإنجاز لم يتجاوز 130 مشروعًا فقط بتكلفة إجمالية بلغت 8.488 مليون درهم.
وعزا التقرير هذه النسب الضعيفة من الإنجاز إلى عدة عوامل، أبرزها عدم كفاية الاعتمادات المالية.
فعلى الرغم من إتمام الدراسات الفنية، لم يتم تخصيص ميزانيات كافية لتنفيذها على أرض الواقع.
كما أن العديد من الجماعات الترابية لجأت إلى البحث عن تمويلات إضافية من مؤسسات عمومية أخرى أو حتى تحمل تكاليف تنفيذ المشاريع بشكل كامل دون ضمانات كافية للحصول على التمويل المطلوب.
وأشار التقرير إلى أن تكلفة الدراسات التي لم تُسفر عن أي مشاريع تجاوزت 81 مليون درهم، تم توزيعها على 101 صفقة بقيمة 14.89 مليون درهم، و153 سند طلب بتكلفة 67.14 مليون درهم.
وهو ما يعد إهدارا واضحًا للموارد، خاصة إذا ما أُخذ في الاعتبار أن عدم تنفيذ المشاريع يسبب فقدان الجدوى الاقتصادية لهذه الدراسات مع مرور الوقت، خصوصا في ظل تغير الظروف الاقتصادية أو تطور احتياجات المشاريع.
وفي ظل هذه المعطيات، بات من الضروري إعادة النظر في منهجية إعداد الدراسات الفنية داخل الجماعات الترابية.
إذ ينبغي ربط هذه الدراسات بميزانيات ملائمة، وضمان وجود خطط تمويل واضحة تهدف إلى تحقيق التنمية المستدامة، بدلاً من هدر الأموال في دراسات تظل حبرا على ورق ولا تحقق أي فائدة حقيقية للمواطنين.