ترسخ التأكيد الأمريكي الأخير على سيادة المغرب على أقاليمه الجنوبية كخطوة تاريخية تكرّس التحالف الاستراتيجي المتين بين الرباط وواشنطن، وتدفع بقضية الصحراء المغربية نحو مرحلة جديدة من الحسم الدبلوماسي والسياسي على الساحة الدولية.
هذا الموقف لم يعد مجرد تعبير دبلوماسي عابر، بل يمثل تحولا نوعيا يعكس استراتيجية المملكة المغربية في تثبيت رؤيتها السياسية، القائمة على مبادرة الحكم الذاتي كحل وحيد لا رجعة فيه. وقد أسهم الدعم الأمريكي، بثقله السياسي والاستراتيجي، في تعزيز الموقف التفاوضي للمغرب، وفتح الباب أمام تغيرات جوهرية في طريقة تعامل المجتمع الدولي مع الملف.
ويأتي هذا التأكيد في سياق استمرار النهج الأمريكي الذي انطلق منذ إعلان الرئيس دونالد ترامب في دجنبر 2020 الاعتراف بمغربية الصحراء. وهو ما أعيد تأكيده من قبل المسؤولين الأمريكيين، مع التشديد على أن الحكم الذاتي هو الإطار الواقعي والجاد الوحيد لتسوية النزاع، وعلى مكانة المغرب كشريك استراتيجي محوري في القارة الإفريقية ومنطقة الشرق الأوسط.
هذا الموقف الأمريكي ساهم في خلق دينامية دولية جديدة، أفضت إلى تراجع دعم الطرح الانفصالي في عدد من الدول التي كانت تتبناه، خاصة في أمريكا اللاتينية، وإفريقيا، وشمال أوروبا. كما برز تحول ملحوظ في التوجه العام داخل الاتحاد الأوروبي، حيث باتت 22 دولة أوروبية تعلن دعمها الصريح لمبادرة الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية.
إلى جانب البُعد السياسي، تندرج هذه الدينامية ضمن رؤية تنموية شاملة، إذ سبق للإدارة الأمريكية أن عبّرت عن التزامها بمواكبة جهود الاستثمار في الأقاليم الجنوبية للمملكة، من خلال غلاف مالي يصل إلى خمسة مليارات دولار، مخصص لدعم مشاريع تنموية واقتصادية في المنطقة.
هذا المسار يعكس واقعًا سياسيًا وقانونيًا جديدًا، يكرّس الاعتراف الدولي المتزايد بسيادة المغرب على صحرائه، ويضع الأسس لتحول دائم في طريقة تناول هذا الملف داخل المنظمات الإقليمية والدولية.
