بدأت خديجة الناصيري رحلتها في عالم الخياطة بمدينة سلا، حيث تلقت تكوينًا مهنيًا في مجال الفصالة وخياطة الملابس التقليدية والعصرية، مما مكّنها من الحصول على شواهد تكوينية متخصصة ساعدتها في صقل مهاراتها.
وقد تخصصت في تصميم الأزياء التقليدية الأمازيغية، التي تشتهر بتفاصيلها الدقيقة وألوانها الزاهية.
وبعد أن اكتسبت خبرتها ومعرفتها، قررت خديجة العودة إلى مسقط رأسها في دوار أنامر سموكن بإقليم طاطا. هناك، حرصت على نقل تجربتها إلى نساء المنطقة، غير مكترثة بإغراءات المدن الكبرى وفرصها المتنوعة.
اليوم، تعتبر خديجة واحدة من أبرز النماذج النسائية الشابة في إقليم طاطا، التي نجحت في الجمع بين حبها للتراث الأمازيغي وروح المبادرة في مجال الخياطة التقليدية. واستطاعت أن تترك بصمتها في عالم تصميم وخياطة الملابس الأمازيغية التقليدية، محققة مكانة متميزة في هذا المجال.
وتؤكد خديجة أن قرارها بالعودة إلى مسقط رأسها بعد التكوين في مدينة سلا كان مدفوعًا برغبتها في مشاركة تجربتها مع نساء منطقتها.
وأضافت أنها التحقت بمركب “تامونت”، الذي يعد فضاء لدعم الأنشطة النسائية، والذي تديره جمعية “أنامر سموكن” للتنمية الثقافية والاجتماعية.
و لم تقتصرخديجة على تقديم التكوين، بل قامت بتأطير أكثر من 20 امرأة في مجال الخياطة والفصالة. وكانت تهدف إلى تمكينهن من تحقيق الاستقلالية المادية وتوفير فرص بديلة للنساء في وضعية هشاشة، مما يسهم في تعزيز حقوقهن واستقلالهن وانخراطهن في الحياة المدنية.
وأشارت خديجة إلى أنها لم تقتصر على التدريب فقط، بل أوجدت فرص عمل مباشرة للعديد من النساء داخل المركب. وأصبحت هؤلاء النساء جزءًا من مشروع إنتاج الملابس التقليدية التي تحمل بصمة أمازيغية أصيلة.
المبادرة أسهمت بشكل كبير في تحسين الوضعية الاجتماعية للعديد من الأسر، كما ساعدت في الحفاظ على التراث الثقافي للمنطقة.
وتحرص خديجة على اختيار الألوان والأثواب بعناية، بحيث تعكس أصالة الثقافة المغربية، مع إضافة لمسات خاصة تميز الزي الأمازيغي عن القفطان التقليدي المعروف.
ففي حديثها عن تفاصيل الزي السوسي الأمازيغي، أشارت إلى أهمية الإكسسوارات المصاحبة، مثل العقود والأقراط، إضافة إلى “تسكوين” الذي يوضع كتاج على الرأس، و”الصاية” و”الخلالة”، التي تُكمل المظهر العام للقفطان الأمازيغي.
خديجة الناصيري تطمح لتوسيع مشروعها ليشمل عددًا أكبر من النساء، كما تهدف إلى فتح آفاق لتسويق منتجاتهن محليًا ووطنياً. كما تسعى إلى تطوير تصاميم تجمع بين الأصالة والحداثة، لتلبية احتياجات السوق المعاصر دون التفريط في هوية الملابس الأمازيغية.
وتُعد خديجة الناصيري اليوم نموذجًا للمرأة الشابة الطموحة التي نجحت في مزج التكوين المهني مع التمكين الاقتصادي وحفظ التراث الثقافي. مبادرتها تمثل نموذجًا يُحتذى به في تعزيز دور المرأة في التنمية المحلية ودعم الاقتصاد الاجتماعي التضامني.