تستعد مدينة تارودانت لدخول مرحلة جديدة من التنمية الحضرية الشاملة، عقب التوقيع على اتفاقية تمويل وإنجاز مشروع طموح يروم تأهيل المدينة وتعزيز جاذبيتها السياحية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية.
ويأتي هذا المشروع المهيكل، الذي من المنتظر أن يمتد تنفيذه ما بين سنتي 2025 و2029، في إطار الرؤية الملكية السامية الهادفة إلى النهوض بالمدن العتيقة، والحفاظ على موروثها التاريخي والمعماري باعتبارها رافعة للتنمية المستدامة ومكوناً أساسياً من الهوية الوطنية المغربية.
وتقدر الكلفة الإجمالية للمشروع بـ 3 مليارات درهم، وهو ما يعكس حجم الطموح الموجه نحو إحداث تحول نوعي في مختلف مجالات الحياة داخل المدينة العتيقة وخارجها، من خلال مشاريع تجمع بين صون الأصالة التاريخية وتحفيز دينامية التحديث.
ووفق نص الاتفاقية الموقعة في 15 أكتوبر الجاري، يهدف البرنامج إلى تأهيل البنيات التحتية وتحسين السير والجولان عبر تهيئة الطرق والشوارع والساحات والمساحات الخضراء، إلى جانب إعادة تأهيل المرافق الحضرية.
كما يتضمن ترميم وصيانة الأسوار والأبواب التاريخية والمباني الأثرية بما فيها المساجد والزوايا، حفاظاً على الذاكرة الجماعية والمعمارية للمدينة.
وفي الشق الاجتماعي، يسعى المشروع إلى تعزيز الولوج إلى الخدمات الاجتماعية للقرب، من خلال إنشاء وتجهيز مرافق رياضية وثقافية كالقاعات المغطاة ودور الشباب ودور الولادة، إضافة إلى تأهيل المدارس والمراكز السوسيو-تربوية.
أما على المستوى الاقتصادي والسياحي، فيهدف البرنامج إلى تقوية الجاذبية السياحية ودعم الصناعة التقليدية عبر تأهيل الأسواق العتيقة، وإحداث متاحف ومرافق سياحية جديدة تبرز مكانة تارودانت كوجهة ثقافية وسياحية متميزة في جهة سوس ماسة.
ويتوزع الغلاف المالي للمشروع، البالغ 3 مليارات درهم، على محورين أساسيين:
- داخل الأسوار: بكلفة إجمالية تناهز 977.2 مليون درهم، تشمل تأهيل البنيات التحتية (521.18 مليون درهم)، وترميم التراث التاريخي (269.85 مليون درهم)، وتعزيز الخدمات الاجتماعية (57 مليون درهم)، وتقوية الجاذبية السياحية والاقتصادية (129.17 مليون درهم).
- خارج الأسوار: بكلفة تقدر بـ 2022.8 مليون درهم، وتشمل التأهيل الحضري (819.29 مليون درهم)، وتطوير الخدمات الاجتماعية (816.5 مليون درهم)، ودعم الأنشطة الاقتصادية (335 مليون درهم)، إضافة إلى إعادة تأهيل الشبكات العمومية المحلية (52 مليون درهم).
وبحسب مسؤولي جماعة تارودانت، فإن هذا التوزيع المالي يستند إلى رؤية تنموية متوازنة تجمع بين الحفاظ على الطابع التاريخي للمدينة العتيقة وتحديث بنيتها الحضرية خارج الأسوار، بما يضمن تنمية مندمجة ومستدامة.
ويُشرف على تمويل وتنفيذ هذا الورش التنموي الكبير تحالف مؤسساتي واسع يضم 14 مؤسسة حكومية، في مقدمتها وزارة الداخلية وجماعة تارودانت، إلى جانب وزارات الأوقاف والشؤون الإسلامية، التربية الوطنية، الصحة، الصناعة والتجارة، إضافة إلى مجلس جهة سوس ماسة وعدد من المؤسسات العمومية الأخرى.
