قررت محكمة الاستئناف بالدار البيضاء، يوم أمس الجمعة، تأجيل جلسة محاكمة طبيب التجميل الحسن التازي ورفاقه إلى الخميس المقبل، وذلك للاستماع إلى مرافعة النيابة العامة. وقد امتدت الجلسة من التاسعة صباحًا حتى الثامنة مساءً، وشهدت استكمال الاستماع إلى المتهمين، وعلى رأسهم الدكتور التازي، الذي نفى بشكل قاطع جميع التهم الموجهة إليه، مؤكدًا أنه لم يكن على علم بالأفعال المنسوبة إليه، وأنه لم يطّلع على تفاصيل القضية إلا بعد إحالتها إلى الفرقة الوطنية.
وأكد التازي خلال استنطاقه أنه كان من بين أفضل عشرة أطباء تجميل في العالم، مشيرًا إلى أن مصحته واجهت مشاكل مالية بسبب تماطل المرضى في تسديد فواتير العلاج، مما دفعه إلى تكليف شقيقه عبد الرزاق بإدارة بعض الأمور المالية بناءً على توصية من والده. كما أوضح أن المغرب لا يعتمد تعريفة موحدة للخدمات الطبية، باستثناء بعض الحالات مثل حوادث الشغل والتغطية الصحية “لامو”، مؤكدًا أن شركته كانت تتعامل وفق الأطر القانونية المعتمدة في المجال.
من جانبها، أدلت سعيدة.ع، المسؤولة عن الحسابات في المصحة، بشهادتها، حيث أكدت أن الدكتور التازي لم يكن على علم بالتجاوزات المالية، مشيرةً إلى أنها كانت تتلقى التعليمات من شقيقه عبد الرزاق التازي، الذي كان يوجّه ملفات المرضى الذين لم يتمكنوا من تسديد الفواتير إلى فاعلة الخير زينب.بن. كما طرحت المحكمة تساؤلات حول أسعار الإقامة داخل المصحة مقارنة بمؤسسات صحية أخرى، فأوضح التازي أن شركات التأمين كانت هي الجهة التي تحدد الأسعار، نافيًا وجود أي تلاعبات في التعريفة.
وكشفت التحقيقات عن مكالمات هاتفية بين سعيدة.ع وزينب.بن، أظهرت آلية جمع التبرعات من المحسنين، حيث كان يتم الاتصال بهم وإخبارهم بوجود مرضى عاجزين عن دفع تكاليف العلاج، مع إرسال صور وملفاتهم إليهم. وأظهرت التحقيقات أيضًا أن بعض الشخصيات المعروفة كانت تتبرع بمبالغ مالية، لكن جزءًا من هذه الأموال لم يكن يُسجل في حسابات المصحة، مما أثار شبهات بوجود شبكة تنشط في جمع التبرعات بطرق غير شفافة.
ردًا على هذه الاتهامات، أجهش الدكتور التازي بالبكاء داخل قاعة المحكمة، مؤكدًا أنه لم يكن يعلم بما يجري في المصحة من ممارسات مالية غير قانونية، وأنه وضع ثقته في المسؤولين والمديرين الذين كانوا يديرون المصحة. كما شدد على أن القضية لا تتضمن شكايات مباشرة ضده، بل تقوم على ادعاءات، حيث أن خمسة فقط من بين 36 شاهدًا تقدموا بشكايات، والمبالغ المذكورة كانت زهيدة مقارنة بحجم المصحة.
من جهتها، واجهت النيابة العامة فاعلة الخير زينب، مستفسرة إياها عن سبب إيداع التبرعات في حسابها الشخصي بدلًا من حساب المصحة أو تسليمها مباشرة للمرضى. فأجابت بأن بعض المحسنين كانوا يجدون صعوبة في تحويل الأموال، وكانت تضطر لاستخدام حسابها لتسريع العمليات، مشددةً على أن نيتها كانت حسنة ولم تكن تسعى للاستفادة الشخصية. ومع ذلك، أبرزت النيابة العامة مكالمات هاتفية تشير إلى محاولات لإخفاء بعض المعاملات المالية، مما دفع المحكمة إلى استجوابها حول أسباب استمرارها في التعامل بهذه الطريقة رغم علمها بالمخاطر القانونية.
في ختام الجلسة، طرح الدفاع تساؤلات حول الخبرة المحاسبية التي أُنجزت حول القضية، مشيرًا إلى أن الخبير الذي قام بها كان صيدليًا وليس طبيبًا، مما يطرح إشكالية قانونية تتعلق بسرية البيانات الطبية وأخلاقيات المهنة. وتبقى قضية الدكتور التازي ورفاقه مفتوحة على عدة احتمالات، حيث ستكون الجلسة المقبلة حاسمة، خاصة مع تقديم النيابة العامة مرافعتها، والتي قد تحدد مسار القضية بشكل أكبر.