الرئيسية وطنية قاطرة برنامج التنمية الحضرية لأكادير تسير على سكتها الصحيحة رغم أزمة جائحة كورونا

قاطرة برنامج التنمية الحضرية لأكادير تسير على سكتها الصحيحة رغم أزمة جائحة كورونا

كتبه كتب في 23 ديسمبر 2020 - 16:14

 شكل التوقيع على الاتفاقيات الخاصة بـ” برنامج التنمية الحضرية لأكادير للفترة 2020 ـ 2024 خلال الحفل الذي ترأسه صاحب الجلالة الملك محمد السادس يوم 4 فبراير 2020، في ساحة الأمل بقلب مدينة الإنبعاث ، الحدث البارز الذي طبع مجريات الأحداث في عاصمة جهة سوس ماسة على امتداد شهور السنة التي سنودعها بعد أيام معدودة.

وقد كان هذا الحدث بمثابة البشرى التي زفت لساكنة أكادير على الخصوص، وسكان سوس ماسة على العموم، وذلك على اعتبار أنه شكل إعلانا بكون مدينة الإنبعاث ستشهد بمقتضى تنزيل هذا البرنامج التنموي الطموح تحولا نوعيا في بنياتها التحتية، ومرافقها الثقافية والفنية، ومنتزهاتها، وباقي مكونات المشهد الحضري للمدينة.

فيكفي التأمل في الغلاف المالي الإجمالي المخصص لتنفيذ هذا البرنامج، والذي يصل حوالي 99 ر5 ملايير درهم، حتى تتبلور قناعة راسخة لدى كل شخص بأن هذا البرنامج، المتكون من ستة محاور رئيسية، من شأنه أن يرتقي بمدينة أكادير كقطب اقتصادي متكامل، وكقاطرة لجهة سوس ماسة، فضلا عن تكريس مكانتها وتقوية جاذبيتها كوجهة سياحية وطنية ودولية.

هذه هي القناعة التي ترسخت لدى عموم ساكنة أكادير حيث غدا مستقبل المدينة المشرق هو حديث العامة والخاصة، في المقاهي، وعلى مواقع التواصل الاجتماعي، وفي المجالس الخاصة، وفي أوساط المثقفين ورجال الأعمال … لكن هذا التفاؤل الجامح الذي ملأ دنيا ساكنة أكادير وشغل أناسها، ما لبث أن بدأ يخفت أسابيع معدودة بعد ذلك بفعل جائحة كورونا.

غير أن جائحة كورونا التي اجتاحت العالم، وشلت أوصال العديد من القطاعات الإنتاجية والخدماتية على الصعيد الكوني، إن كان يبدو أنها انعكست سلبا على أحاديث ساكنة أكادير حول تطلعاتهم إزاء مستقبل المدينة وتطورها المستقبلي، فإن الأمر لم يكن كذلك بالنسبة للقائمين على الشأن العام، سواء تعلق الأمر بالسلطات الولائية، أو المجالس المنتخبة، أو المسؤولين عن مختلف المصالح اللامركزية المعنية بتنزيل برنامج التنمية الحضرية لأكادير.

فلم تستطع جائحة كورونا أن تقف حجر عثرة أمام توالي الاجتماعات التنسيقية المختلفة التي انطلقت مباشرة، ومن دون أي انتظار، عقب التوقيع على اتفاقيات تنزيل برنامج التنمية الحضرية وفقا للجدول الزمني المرسوم، حيث انكبت هذه الاجتماعات التي كانت، وما زالت ، تلتئم في الغالب عن طريق تقنية المناظرة المرئية، على فحص والوقوف على تقدم الدراسات الخاصة بإنجاز عدد من المشاريع المدرجة في البرنامج، وانصبت اجتماعات أخرى على تصفية وضعية الأوعية العقارية المخصصة للمشاريع، وهمت الاجتماعات أيضا تقدم الاشغال في المشاريع التي انطلق العمل فيها.

فالمتتبع عن قرب لمراحل إنجاز برنامج التنمية الحضرية لأكادير للفترة 2020 ـ 2024 ، في فترة ما بعد التوقيع على الاتفاقيات الخاصة بتنفيذه، يدرك بما لا يدع مجالا للشك أن جميع المصالح والمؤسسات والهيئات المعنية بتنزيل هذا البرنامج تشتغل كخلية نحل وذلك على مستويين اثنين، أولهما على مستوى المنتسبين لهذه الهيئات والمؤسسات في حد ذاتها( الجماعة الترابية لأكادير، مجلس جهة سوس ماسة، المديرية الجهوية للتجهيز، مكاتب الدراسات…)، أما المستوى الثاني فيتمثل في الاجتماعات التنسيقية ، شبه اليومية، التي تعقد عن بعد ويرأسها والي جهة سوس ماسة عامل عمالة أكادير إداوتنان، السيد أحمد حجي، والتي تجمع الأطراف المتدخلة في مشروع محدد من ضمن مشاريع البرنامج.

وقد اسفرت هذه الدينامية في العمل، التي تخطت المعوقات التي فرضتها جائحة كورونا، من تحقيق تقدم ملموس في تنزيل مخطط التنمية الحضرية لأكادير كما يتجلى ذلك من خلال الحلة الجديدة التي اتخذها المدخل الجنوبي لمدينة أكادير من جهة عمالة إنزكان أيت ملول، كما تتجلى بالملموس في إعادة التهيئة التي يشهدها عدد كبير من أهم شوارع مدينة الانبعاث مثل شارع الجيش الملكي، وشارع القاضي عياض، وشارع 2 مارس، وغيرها من الشوارع الأخرى.

وبالإمكان أيضا أن نلمس التقديم الحاصل في إنجاز المشاريع المدرجة في إطار برنامج التنمية الحضرية لأكادير من خلال ورش بناء المسجد الكبير لحي السلام الذي سيكلف غلافا ماليا بقيمة 5 ر45 مليون درهم. وكذلك الشأن بالنسبة لملاعب القرب التي يصل عددها 50 ملعبا، حيث أنجز العديد منها وفق مواصفات عالية الجودة، وتم في الأيام القليلة الماضية عقد اجتماع للتداول حول أفضل المقاربات المقترحة لتسييرها.

التقدم في إنجاز برنامج التنمية الحضرية لأكادير، رغم تداعيات جائحة كورونا، شمل أيضا المشاريع الكبرى المهيكلة التي تحتاج إنجاز دراسات تقنية متخصصة، والتي يتطلب اعتمادها مسطرة دقيقة، وهذا ما ينطبق على المشروع الاستراتيجي المهيكل المتمثل في الطريق المداري الشمال ـ شرقي لأكادير الكبير (طريق 2×2) الذي سيكلف استثمارا إجماليا بقيمة 770 مليون درهم، سيتم رصدها في إطار شراكة بين مجموعة من المتدخلين على الصعيد المحلي والجهوي والوطني.

وقد تم الكشف عن التقدم الحاصل في إنجاز هذا المشروع الاستراتيجي خلال زيارة قام بها مؤخرا والي جهة سوس ماسة عامل عمالة إكادير إداوتنان، رفقة رئيسي المجلس الجهوي والمجلس الجماعي لأكادير، بمناسبة الاحتفالات المخلدة لعيد الاستقلال، لبعض الأوراش التنموية التي تشهدها مدينة الانبعاث، حيث اتضح أن هذا المشروع البنيوي المهيكل يمتد على طول 29 كلم، ويصل عرضه 20 متر، حيث سيمتد من مطار أكادير المسيرة (عمالة إنزكان ايت ملول)، إلى المركب المينائي لأكادير( عمالة أكادير إداوتنان) ، ويتضمن بناء 11 منشأة فنية، وقنطرة على وادي سوس، و4 ممرات تحت أرضية، و6 ممرات علوية، إضافة إلى تهيئة 3 مداخل موزعة ما بين المحور الطرقي شرق ـ غرب أكادير، وحي القدس، وميناء أكادير.

وما ينطبق على مشروع الطريق المداري الشمال شرقي، يسري أيضا على مشاريع أخرى ذات أهمية كبيرة بالنسبة للتنمية الحضرية لأكادير، وهذا ما ينطبق على المسرح الكبير لأكادير، ومنتزه “الإنبعاث” الذي يمتد وسط المدينة على مساحة تصل حوالي 26 هكتار، والمركب الثقافي والذوقي ، ودار الفنون ، ومتحف “تيميتار” للتراث الأمازيغي، وغيرها من المشاريع الأخرى.

واعتبارا لما سبقت الإشارة إليه، يمكن القول أن سنة 2020 لم تكن فقط سنة الإعلان عن الانبعاث الجديد لمدينة أكادير، وإنما كانت أيضا، وبالرغم من جائحة كورونا، سنة الانطلاقة الفعلية لتغيير ملامح عاصمة سوس، والرقي بها مصاف المدن المغربية ذات جاذبية وطنية وعالمية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *