الرئيسية تمغارت أمينة السوسي .. قصة أشهر مذيعة مغربية رسمت البسمة في وجوه المرضى والأطفال

أمينة السوسي .. قصة أشهر مذيعة مغربية رسمت البسمة في وجوه المرضى والأطفال

كتبه كتب في 14 أكتوبر 2019 - 20:45

ولدت الصحافية الإذاعية أمينة السوسي سنة 1942 في حي المصلى بمدينة طنجة، في فترة تاريخية كانت فيها طنجة تحت الوصاية الدولية. في هذه المدينة شاءت الأقدار أن يلتقي والد أمينة بلحاج السوسي القادم من تافراوت، وتحديدا من دوار تيوري الذي تستوطنه قبائل أفلا إيغير، بزوجته الريفية الأصول، كان الشاب السوسي هاربا من مطاردة الفرنسيين بسبب نشاطه ضمن المقاومة، بينما كانت زوجته مطاردة هي وأفراد أسرتها من السلطات الإسبانية بعد الإجهاز على أتباع الخطابي.

التقى مناضلان في مدينة يلجأ إليها المطاردون من أجهزة الحماية الفرنسية والإسبانية، وفيها تمت مصاهرة شبه مستحيلة بين الريف وسوس، لكن والدة أمينة لم تزر سوس لوجود «ضرتها» التي تقيم في الدوار.

رفضت السلطات الإدارية في مدينة طنجة الاستجابة لطلب والد أمينة، الذي التمس منحه لقبا عائليا له ارتباط بأصوله، وقال ضابط الحالة المدينة إن «السوسي» لقب عرقي ممنوع، بينما ظل اسمها الحركي هو أمينة أجانا، لكنها حملت خلال فترة دراستها الابتدائية اسما ثلاثيا هو أمينة قاسم السوسي، إلا أن الاسم الذي لازمها في طفولتها في حي المصلى، الذي كانت تتعايش فيه جاليات أوربية عديدة، هو بنت بلحاج السوسي.

عانت أمينة منذ ولادتها من صعوبات في النطق وظلت إلى حدود السنة السابعة من عمرها بكماء لا تنطق إلا بكلام غير مفهوم وإشارات، قبل أن تستعيد عافيتها بعد أن قرر والدها معالجتها بالقرآن الكريم على يد فقيه.

بعد حصولها على الشهادة الابتدائية تم قبولها بملحقة معهد مولاي المهدي، ومن الصدف الجميلة في حياة أمينة أن زوجها الإذاعي خالد مشبال تقاسم معها الدراسة في المعهد نفسه وهو الذي كان يكبرها بسبع سنوات، قضى خالد ثلاثة مواسم في معهد مولاي المهدي، ومنه انتقل للدراسة لموسم واحد في المدرسة الحسنية التي كانت توجد بالمشور، ثم توجه رفقة بعثة طلابية ضمت 41 طالبا، إلى مصر سنة 1938، بعد أن أصبح عنصرا ضمن حزب الإصلاح الوطني.

ولأنه رب ضارة نافعة، فقد بدأت علاقة أمينة بالميكروفون في سن مبكرة بعد أن أصبحت تتمتع بطلاقة لسان، وكانت أول علاقة لها بإذاعة طنجة في ذكرى عيد العرش حين أنيطت بها مهمة قراءة قصيدة شعرية لاقت استحسان الحاضرين لتبدأ ترددها على مقر الإذاعة.

قضى خالد تسع سنوات في القاهرة، بعد أن اختير في بعثة علمية، وحين انضم إلى إذاعة طنجة سنة 1958 بقسم الإنتاج، التقى مجددا مع أمينة التي سبقته إلى الإذاعة منشطة برامج أطفال، بعد أن تقاسما المكتب نفسه، وبعد أيام اكتشفت أن الموظف الجديد كان زميلها في الدراسة الإعدادية، فتجددت العلاقة من خلال عمل مشترك وهو مسلسل «القايدة طامو»، حيث تقدم لخطبتها دون علم باقي موظفي وصحافيي وتقنيي الإذاعة الوطنية، بل إن خالد انتشل أمينة من خطيب آخر كان على وشك التقدم لخطبتها. وفي سنة 1961 قررا الإعلان رسميا عن القران.

ساعد الزوج زوجته خلال إعدادها وتقديمها برنامج «لا أنام» التكافلي، خاصة وأنها عانت من إشكالية الاسم المستعار، إذ إن أغلب المحسنين الذين كانوا يقدمون مساهمات مالية عن طريق شيكات بنكية، يحرصون على كتابة اسم أمينة السوسي ما استعصى عليها صرف الشيكات في شراء الدواء وأداء واجبات الاستشفاء لمئات المرضى، لأن اسمها الحقيقي هو أمينة أجانا. وعلى الرغم من الجدل الذي أثير حول هذه القضية، فإن أمينة كانت تتوصل بشيكات من القصر الملكي في اسمها، لذا حرصت في ظل وصاية الداخلية على الإعلام إرسال فواتير ومستندات تحويل الشيكات إلى الديوان الملكي مع نسخة لعمالة إقليم طنجة.. بل إن الكتابة الخاصة للملك ساهمت في تدليل صعوبات سفر عدد من الأشخاص إلى أوروبا بعد أن استعصى عليهم الحصول على جواز السفر والتأشيرة.

لعب خالد دورا كبيرا في بناء الشخصية الإعلامية لأمينة، وكان من ثمرة هذه العلاقة باقة أبناء، وهم نعمان، الذي أصيب بإعاقة، بل إن أمه تعترف بأن المهنة ساهمت في إصابة الفتى الذي كان شعلة من الذكاء، قبل أن يتعرض لإصابة ذهنية اخترقته بعد أن أصبح متطرفا دينيا، لازال نعمان يعيش برفقة صيدليته وأشعاره، في معزل عن باقي أشقائه أمثال فرح ورحمة وأيمن ثم تيسير الذي يقيم في سويسرا.

قدمت الاعلامية المقتدرة أمينة السوسي عدة برامج إذاعية كان لها الأثر البليغ في نفوس المستمعين : “رغبات المستمعين”، “أفراح الشعب” ،”الأسرة البيضاء”، “القفة”، “ليلة القدر”، “نرحب بجاليتنا” و”أطفالي الصغار”، “الذي أطلق عليها من خلاله اسم “ماما أمينة”..الى جانب البرنامج الشهير “لا أنام” الذي كان يستقطب المستمعين من خارج المغرب.

مشاركة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *